فاطر ١٠ - ٨
فلا تهلك نفسك للحسرات وعليهم صلة تذهب كما تقول هلك عليه حبا ومات عليه حزنا ولا يجوز أن يتعلق بحسرات لأن المصدر لا تتقدم عليه صلته إن الله عليم بما يصنعون وعيد لهم بالعقاب على سوء صنيعهم والله الذى أرسل الرياح ارياح مكى وحمزة وعلى فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت بالتشديد مدنى وحمزة وعلى وحفص بالتخفيف غيرهم فأحييناه به بالمطر لتقدم ذكره ضمنا الأرض بعد موتها يبسها وانما قيل فتثير لتحكى الحال التى تقع فيها اثارة الرياح السحاب وتستحضر تلك الصورة الدالة على القدرة الربانية وهكذا يفعلون بفعل فيه نوع تمييز وخصوصية بحال تستغرب وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميت واحياء الأرض بالمطر بعد موتها لما كان من الدليل على القدرة الباهرة قيل فسقنا وأحياينا معدولا بهما عن لفظ العيبة إلى ما هو أدخل فىالاختصاص وأدل عليه كذلك النشور الكاف فى محل الرفع أى مثل احياء الموات نشور الأموات قيل يحيي الله اخلق بماء يرسله من تحت العرش كمنى الرجال تنبت منه أجساد الخلق من كان يريد العزة فلله العزة جميعا أى العزة كلها مختصة بالله عزة الدنيا وعزة الآخرة وكان الكافرون يتعززون بالاصنام كما قال وآتخذو من دون الله آلهة ليكونوالهم عزا والذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطأة قلوبهم كانوا يتعززون بالمشركين كما قال الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فان العزة لله جميعا فبين أن لا عزة إلا بالله والمعنى فليطلبها عند الله فوضع قوله لله العزة جميعا موضعه استغناء عنه به لدلالته عليه لأن الشىء لا يطلب إلا عند صاحبه ومالكه ونظيره قولك من أراد النصيحة فهى عند الأبرار تريد فليطلبها عندهم إلا أنك أقمت ما يدل عليه مقامه وفى الحديث ان ربكم يقول كل يوم أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز ثم عرف أن ما يطلب به العزة هو الإيمان والعمل الصالح بقوله إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ومعنى قوله إليه إلى محل القبول والرضا وكل ما اتصف بالقبول وصف بالرفعة والصعود أو إلى حيث لا ينفذ فيه الا حكمه والكلم الطيب كلمات التوحيد أى لا إله إلا الله وكان القياس الطيبة ولكن كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا التاء يذكر ويؤنث والعمل الصالح العبادة الخالصة يعنى والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب فالرافع الكلم والمرفوع العمل لأنه لا يقبل عمل الا من موحد وقيل الرافع الله والمرفوع العمل أى العمل الصالح يرفعه الله وفيه إشارة إلى أن العمل يتوفق على الرفع والكلم الطيب يصعد بنفسه وقيل العمل الصالح يرفع


الصفحة التالية
Icon