طه ٢٧ - ٢٠
فإذا هي حية تسعى تمشي سريعا قيل انقلبت ثعبانا يبتلع الصخر والشجر فلما رآها تبتلع كل شيء خاف وإنما وصف بالحية هنا وبالثعبان وهو العظيم من الحيات وبالجان وهو الدقيق في غيرها لأن الحية اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والصغير والكبير وجاز أن تنقلب حية صفراء دقيقة ثم يتزايد جرمها حتى تصير ثعبانا فاريد بالجان أول حالها وبالثعبان مآلها أو لأنها كانت في عظم الثعبان وسرعة الجان وقيل كان بين لحييها أربعون ذراعا ولما قال له ربه خذها ولا تخف بلغ من ذهاب خوفه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها سنعيدها سنردها سيرتها الأولى تأنيث الأول والسيرة الحالة التي يكون عليها الانسان غريزية كانت او مكتسبة وهي في الأصل فعلة من السير كالركبة من الركوب ثم استعملت بمعنى الحالة والطريقة وانتصبت على الظرف أي سنعيدها في طريقتها الأولى أي في حال ما كانت عصا والمعنى نردها عصا كما كانت وأرى ذلك موسى عند المخاطبة لئلا يفزع منها إذا انقلبت حية عند فرعون ثم نبه على آية أخرى فقال واضمم يدك إلى جناحك إلى جنبك تحت العضد وجناحا الإنسان جنباه والأصل المستعار منه جناحا الطائر سميا جناحين لأنه يجنحهما أي يميلهما عند الطيران والمعنى أدخلها تحت عضدك تخرج بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يغشي البصر من غير سوء برص آية أخرى لنبوتك بيضاء وآية حالان معا ومن غير سوء صلة بيضاء كقولك ابيضت من غير سوء وجازان ينتصب آية بفعل محذوف يتعلق به الأمر لنريك من آياتنا الكبرى أي خذ هذه الآية أيضا بعد قلب العصا لنريك بهاتين الآيتين بعض آياتنا الكبرى العظمى أو نريك بهما الكبرى من آياتنا أو المعنى فعلنا ذلك لنريك من آياتنا الكبرى اذهب إلى فرعون أنه طغى جاوز حد العبودية إلى دعوى الربوبية ولما أمره بالذهاب إلى فرعون الطاغي وعرف أنه كلف أمرا عظيما يحتاج إلى صدر فسيح قال رب اشرح لي صدري وسعه ليحتمل الوحي والمشاق وردئ الأخلاق من فرعون وجنده ويسر لي أمري وسهل ما أمرتني به من تبليغ الرسالة إلى فرعون واشرح لي صدري أكد من اشرح صدري لانه تكرير للمعنى الواحد من طريقي الاجمالي والتفصيل لأنه بقول اشرح لي ويسر لي علم أن ثمة مشروحا وميسرا ثم رفع الابهام بذكر الصدر والأمر واحلل افتح عقدة من لساني وكان في لسانه رتة للجمرة التي وضعها على لسانه في صباه وذلك أن موسى أخذ لحية فرعون ولطمه لطمة شديدة في صغره فأراد قتله فقالت آسية أيها الملك انه صغير لا يعقل فجعلت في طشت نارا وفي طشت بواقيت ووضعتهما لدى موسى فقصد البواقيت فامال الملك