١٢٣ - حكيم امرا من عندنا انا كنا مرسلين
هما جملتان مستأنفتان ملفوفتان فسر بهما جواب القسم كانه قيل أنزلناه لان من شأننا الانذار والتحذير من العقاب وكان انزالنا اياه في هذه الليلة خصوصا لأن إنزال القرآن من الامور الحكيمية وهذه الليلة مفرق كل أمر حكيم ومعنى يفرق يفصل ويكتب كل امر من ارزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم من هذه الليلة الى ليلة القدر التى تجىء في السنة المقبلة حكيم ذى حكمة اى مفعول على ما تقتضيه الحكمة وهو من الإسناد المجازى لان الحكم صفة صاحب الامر على الحقيقة ووصف الأمر به مجازا امر امن عندنا نصب على الاختصاص جعل كل امر جزلا فخما بأن وصفة بالحكيم ثم زاده جزالة وفخامة بأن قال أعنى بهذا الأمر امرا حاصلا من عندنا كما اقتضاه علمنا وتدبيرنا انا كنا مرسلين بدل من انا كنا منذرين رحمة من ربك معفول له على معنى انا انزلنا القرآن لان من شأننا وعادتنا ارسال الرسل بالكتب الى عبادنا لاجل الرحمة عليهم او تعليل لقوله امرا من عندنا ورحمة مفعول به وقد وصف الرحمة بالارسال كما وصفها به في قوله وما يمسك فلا مرسل له من بعده والأصل انا كنا مرسلين رحمة منا فوضع الظاهر موضع الضمير ايذانا بأن الربوبية تقتضى الرحمة على المربوبين إنه هو السميع لأقوالهم العليم بأحوالهم رب كو فى بدل من ربك وغيرهم بالرفع اى هو رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ومعنى الشرط انهم كانوا يقرون بان للسموات والارض ربا وخالقا فقيل لهم ان ارسال الرسل وانزال الكتب رحمة من الرب ثم قيل ان هذا الرب هو السميع العليم الذى انتم مقرون به ومعترفون بأنه رب السموات والأرض وما بينهما ان كان اقراركم عن علم وايقان كما تقول ان هذا انعام زيد الذى تسامع الناس بكرمه ان بلغك حديثه وحدثت بقصته لا اله الا هو يحى ويميت ربكم اى هو ربكم ورب آبائكم الاولين عطف عليه ثم رد ان يكونوا موقنين بقوله بل هم في شك يلعبون وان اقرارهم غير صادر عن علم وتيقن بل قول مخلوط بهزؤ ولعب فارتقب فانتظر يوم تأتى السماء بدخان يأتى من السماء قبل يوم القيامة يدخل في أسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ ويعترى المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص وقيل إن قريشا لما استعصت على رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا عليهم فقال اللهم اشدد وطاتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف فأصابهم الجهد حتى اكلوا الجيف والعلهز وكان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان وكان يحدث الرجل فيسمع كلامه ولا يراه من الدخان مبين ظاهر حاله لا يشك احد في أنه دخان يغشى الناس يشملهم ويلبسهم وهو في محل الجر صفة