يس ٨٢ - ٧٧
الإنسان أنا خلقناه من نطفة مذرة خارجة من الاحليل الذى هو قناه النجاسة فاذا هو خصيم مبين بين الخصومة أي فهو على مهانة أصله ودناءة أوله يتصدى لمخاصمة ربه وينكر قدرته على إحياء الميت بعد مارمت عظامه ثم يكون خصامه فى ألزم وصف له وألصقه به وهو كونه منشأ من موات وهو ينكر انشاءه من موات وهو غاية المكابرة وضرب لنا مثلا بفته العظم ونسى خلقه من المنى فهو أغرب من إحياء العظم المصدر مضاف إلى المفعول أى خلقنا إياه قال من يحى العظام وهى رميم هو اسم لما بلى من العظام غير صفة كالرمة والرفات ولهذا لم يؤنث وقد وقع خبر المؤنث ومن يثبت الحياة فى العظام ويقول إن عظام الميتة نجسة لأن الموت يؤثر فيها من قبل أن الحياة تحلها يتشبث بهذه الآية وهى عندنا طاهرة وكذا الشعر والعصب لأن الحياة لا تحلها فلا يؤثر فيها الموت والمراد باحياء العظام فى الآية ردها إلى ما كانت عليه غضة رطبة فى بدن حى حساس قل يحييها الذى أنشأها خلقها أول مرة أى ابتداء وهو بكل خلق مخلوق عليم لا تخفى عليه أجزاؤه وان تفرقت فى البر والبحر فيجمعه ويعيده كما كان الذى جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون تقدحون ثم ذكر من بدائع خلقه انقداح النار من الشجر الأخضر مع مضادة النار الماء وانطفائها به وهى الزناد التى تورى بها الأعراب واكثرها من المرخ والعفار وفى أمثالهم وفى كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار لأن المرخ شجر سريع الورى والعفار شجر تقدح منه النار يقطع الرجل منهما غصنين مثل السواكين وهما خضراوان يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهى أنثى فننقدح النار بإذن الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما ليس من شجرة إلا وفيها النار إلا العناب لمصلحة الدق للثياب فمن قدر على جمع الماء والنار فى الشجر قدر على المعاقبة بين الموت والحياة فى البشر واجراء أحد الضدين على الآخر بالتعقيب أسهل فى العقل من الجمع معا بلا ترتيب والاخضر على اللفظ وقرىء الخضراء على المعنى ثم بين أن من قدر عل خلق السموات والأرض مع عظم شأنهما فهو على خلق الاناسى أقدر بقوله أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم فى الصغر بالاضافة إلى السموات والأرض أو أن يعيدهم لأن المعاد مثل للمبتدأ وليس به بلى أى قل بلى هو قادر على ذلك وهو الخلاق الكثير المخلوقات العليم الكثير المعلومات إنما أمره شأنه إذا أراد شيئا أن يقول له كن أن يكونه فيكون فيحدث أى فهو


الصفحة التالية
Icon