الصافات ٧٧ - ٦٥
كأنه رؤوس الشياطين الطلع للنخلة فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم من حملها وشبه برؤوس الشياطين للدلالة على تناهيه فى الكراهة وقبح المنظر هائلة جدا فإنهم لأكلون منها من الشجرة أى من طلعها فمالئون منها البطون فمالئون بطونهم لما يغلبهم من الجوع الشديد ثم ان لهم عليها على أكلهم لشوبا لخلطا ولمزاجا من حميم ماء حار يستوي وجوههم ويقطع أمعائهم كما قال فى صفة شراب أهل الجنة ومزاجه من تسنيم والمعنى ثم انهم يملئون البطون من شجرة الزقوم وهو حار يحرق بطونهم ويعطشهم فلا يسقون إلا بعد ملى تعذيبا لهم لذلك لأن الشيطان مكروه مستقبح في طباع الناس لاعتقادهم أنه شر محض وقيل الشيطان حية عرفاء قبيحة المنظر يذهب بهم عن مقارهم ومنازلهم فى الجحيم وهى الدركات التى أسكنوها إلى شجرة الزقوم فيأكلون إلى أن يمتلؤا ويسقون بعد ذلك ثم يرجعون إلى دركاتهم ومعنى التراخى فى ذلك ظاهر انهم ألفوا آبائهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون علل استحقاقهم للوقوع فى تلك الشدائد بتقليد الآباء فى الدين واتباعهم إياهم العطش ثم يسقون ما هو أحر وهو الشراب المشوب بالحميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم أى أنهم قومك قريش أكثر الأولين يعنى الأمم الخالية بالتقليد وترك النظر والتأمل ولقد أرسلنا فيهم منذرين أنبياء حذروهم العواقب فانظر كيف كان عاقبة المنذرين أى الذين أنذروا وحذروا أى أهلكوا جميعا إلا عباد الله المخلصين أى إلا الذين آمنوا منهم واخلصوا لله دينهم أو أخلصهم الله لدينه على القراءتين ولما ذكر إرسال المنذرين فى الأمم الخالية وسوء عاقبة المنذرين اتبع ذلك ذكر نوح ودعاءه إياه حين أيس من قومه بقوله ولقد نادانا نوح دعانا لننجيه من الغرق وقيل أريد به قوله أنى مغلوب فانتصر فلنعم المجيبون اللام الداخلة على نعم جواب قسم محذوف والمخصوص بالمدح محذوف وتقديره ولقد نادانا نوح فوالله لنعم المجيبون نحن والجمع دليل العظمة والكبرياء والمعنى أنا أجبناه أحسن الاجابة ونصرناه على أعدائه وانتقمنا منهم بأبلغ ما يكون ونجيناه وأهله ومن آمن به وأولاده من الكرب العظيم وهو ا لفرق وجعلنا ذريته هم الباقين وقد فنى غيرهم قال قتادة الناس كلهم من ذرية نوح وكان لنوح عليه السلام ثلاة أولاد سام وهو أبو الحرب وفارس الروم وحام وهو أبو السودان من المشرق إلى المغرب


الصفحة التالية
Icon