الزمر ٢١ - ١٧
الطاغوت الشياطين فعلوت من الطغيان كالملكوت والرحموت الا أن فيها قلبا بتقديم اللام على العين أطلقت على الشيطان أو الشياطين لكون الطاغوت مصدرا وفيها مبالغات وهى التسمية بالمصدر كأن عين الشيطان طغيان وأن البناء بناء مبالغة فان الرحموت الرحمة الواسعة والملكوت الملك المبسوط والقلب وهو للاختصاص إذ لا تطلق على غير الشيطان والمراد بها ههنا الجمع وقرىء الطواغيت أن يعبدوها بدل الاشتمال من الطاغوت أي عبادتها وأنابوا رجعوا إلى الله لهم البشرى هى البشارة بالثواب تتلقاهم الملائكة عند حضور الموت مبشرين وحين يحشرون فبشر وعبادى الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه هم الذين اجتنبوا وأنابوا وإنما أراد بهم أن يكونوا مع الاجتناب والانابة على هذه الصفة فوضع الظاهر موضع الضمير أراد أن يكونوا نقادا فى الدين يميزون بين الحسن والأحسن والفاضل والأفضل فإذا اعترضهم أمران واجب وندب اختاروا الواجب وكذا المباح والندب حرصا على ما هو أقرب عند الله وأكثر ثوابا أو يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن أو يستمعون أوامر الله فيتبعون أحسنها نحو القصاص والعفو ونحو ذلك أو يستمعون الحديث مع القوم فيه محاسن ومساو فيحدث بأحسن ما سمع ويكف عما سواه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب أى المنتفعون بعقولهم أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من فى النار أصل الكلام أمن حق عليه كلمة العذاب أى وجب أفانت تنقذه جملة شرطية دخلت عليها همزة الانكار والفاء فاء الجزاء ثم دخلت الفاء التى فى أولها للعطف على محذوف تقديره أأنت مالك أمرهم فمن حق عليه كلمة العذاب فأنت تنقذه والهمزة الثانية هى الأولى كررت لتوكيد معنى الانكار ووضع من فى النار موضع الضمير أى تنقذه فالآية على هذا جملة واحدة أو معناه أفمن حق عليه كلمة العذاب ينجو منه أفأنت تنقذه أى لا يقدر أحد أن ينقذ من أضله الله وسبق فى علمه أنه من أهل النار لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف أى لهم منازل فى الجنة رفيعة وفوقها منازل أرفع منها يعنى للكفار ظلل من النار وللمتقين غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار أى من تحت منازلها وعد الله لا يخلف الله الميعاد وعد الله مصدر مؤكد لأن قوله لهم غرف فى معنى وعدهم الله ذلك ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء يعنى المطر وقيل كل ماء فى الأرض فهو من السماء ينزل منها إلى الصخرة ثم يقسمه الله فسلكه فأدخله ينابيع فى الأرض عيونا ومسالك ومجارى كالعروق فىالأجساد وينابيع نصب على الحال أو على الظرف وفى الأرض صفة لينابيع ثم يخرج به بالماء زرعا مختلفا


الصفحة التالية
Icon