الزمر ٢٩ - ٢٣
وذكرت الجلود وحدها أولا ثم قرنت بها القلوب ثانيا لأن محل الخشية القلب فكان ذكرها يتضمن ذكر القلوب ذلك اشارة إلى الكتاب وهو هدى الله يهدى به من يشاء من عباده وهو من علم منهم اختيار الاهتداء ومن يضلل الله يخلق الضلالة فيه فماله من هاد إلى الحق أفمن يتقى بوجهه سوء العذاب يوم القيامة كمن أمن من العذاب فحذف الخبر كما حذف فى نظائره وسوء العذاب شدته ومعناه أن الإنسان إذا لقى مخوفا من المخاوف استقبله بيده وطلب أن بقى بها وجهه لأنه أعز اعضائه عليه والذى يلقى فى النار يلقى مغلولة يداه إلى عنقه فلا يتهيأ له أن يتقى النار إلا بوجهه الذى كان يتقى المخاوف بغيره وقاية له ومحاماة عليه وقيل للظالمين أن تقول لهم خزنة النار ذوقوا وبال ما كنتم تكسبون أى كسبكم كذب الذين من قبلهم من قبل قريش فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون من الجهة التى لا يحتسبون ولا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها بينما هم آمنون إذا فوجئوا من مأمنهم فأذاقهم الله الخزى الذل والصغار كالمسخ والخسف والقتل والجلاء ونحو ذلك من عذاب الله فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر من عذاب الدنيا لو كانوا يعلمون لآمنوا ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون ليتعظوا قرآنا عربيا حال مؤكدة كما تقول جاءنى زيد رجلا صالحا وانسانا عاقلا فتذكر رجلا أو انسانا توكيدا أو نصب على المدح غير ذى عوج مستقيما بريئا من التناقض والاختلاف ولم يقل مستقيما للاشعار بأن لا يكون فيه عوج قط وقيل المراد بالعوج الشك لعلهم يتقون الكفر ضرب الله مثلا رجلا بدل فيه شركاء متشاكسون متنازعون ومختلفون ورجلا سلما مصدر سلم والمعنى ذا سلامة لرجل أى ذا خلوص له من الشركة سالما مكى وأبو عمرو واى خالصا له هل يستويان مثلا صفة وهو تمييز والمعنى هل تستوى صفتاهما وحالاهما وإنما اقتصر فى التمييز على الواحد لبيان الجنس وقرىء مثلين الحمد لله الذى لا إله إلا هو بل أكثرهم لا يعلمون فيشركون به