* أما "جاءهم البيّنات" بالتذكير: فالبيّنات هنا تأتي بمعنى الأمر والنهي وحيثما وردت كلمة البيّنات بهذا المعنى من الأمر والنهي يُذكّر الفعل كما في قوله تعالى في سورة آل عمران (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٦﴾ ) و (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١٠٥﴾ ) وفي سورة غافر (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦٦﴾ ).
*. وقد يكون التأنيث للكثرة والتذكير للقلة كما في قوله تعالى (قالت الأعراب آمنا) وقوله تعالى (وقال نسوة في المدينة). ونقول أن هذا الأمر جائز من حيث الجواز اللغوي وليس في هذا شيء لكن السؤال يبقى لماذا اختار تعالى التذكير في موضع والتأنيث في موضع آخر؟ ونأخذ قوله تعالى (جاءكم رسول) بتذكير فعل جاءكم، وقوله تعالى (جاءت رسل ربنا) بتأنيث فعل جاءت. ونلاحظ أنه في الآية الأولى كان الكلام عن جميع الرسل في جميع الأمم من آدم إلى أن تقوم الساعة وهذا يدل على الكثرة فجاء بالفعل مؤنّثاً للدلالة على الكثرة. أما في الآية الثانية فالخطاب لبني إسرائيل ولزمرة منهم وفي حالة معينة أيضاً وهذا يدل على القلة فجاء بالفعل مذكّراً.


الصفحة التالية
Icon