٤. قُدّم السمع على البصر في القرآن إلا في مواطن قليلة منها في سورة الكهف (أبصر به وأسمع) لأن السياق يقتضي ذلك، فقد خرج أهل الكهف فارّين حتى لا يراهم أحد لكن الله تعالى يراهم في ظلمة الكهف وفي تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال. وفي سورة السجدة (ربنا أبصرنا وسمعنا) قدّم البصر هنا لأنهم كانوا يسمعون في الدنيا ويكذبون في الآخرة وأبصروا العذاب والحقيقة وقولهم يعني أنهم موقنون واليقين لا يتأتى إلا بالإبصار وليس بالسمع (عين اليقين) لأنهم رأوا العذاب عين اليقين.
لفتة: وردت كلمة سميع والسميع في القرآن الكريم ٤٦ مرة ووردت كذلك كلمة بصير والبصير ٤٦ مرة.
خلاصة:
١. أن الحياة والقدرة والسمع والبصر والحكمة وصفة الخلق كلها صفات وردت في هذه الآية ثم ذكر الكمال في هذه الصفات بكلمة واحدة هي (سبحانك) فالفرد قد يكون سميعا وبصيرا وذا قدرة ولكن قد يكون أحمقا أما كلمة سبحانك فجاءت نفياً وتنزيهاً لله تعالى عمّا يصفه أهل الجاهلية.
٢. ارتباط أوّل السورة بآخرها فقد بدأت بالتسبيح وختمت بالتحميد. نعمة الإسراء نعمة عظيمة جليلة فجاء في ختام السورة قوله تعالى (وقل الحمد لله) حمداً لله على نعمة الإسراء.
٣. ختمت السورة بالباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) وبعد هذه الآية تبدأ سورة الكهف استجابة لهذا القول (قل الحمد لله فافتتحت سورة الكهف بالآية (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا) وفي قوله في سورة الكهف في آية ٤ (وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) رد على آخر سورة الإسراء أنه سبحانه ليس له شريك في الملك.