ولما لم يكن المقام في الأنفال كذلك وإنما المقام ذكر موقعة بدر وانتصارهم فيها ودور الإمداد السماوي في هذا النصر وقد فصل في ذلك أكثر مما ذكر في آل عمران فقال (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (١١) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢)) أقول لما كان المقام مختلفاً خالف في التعبير. أنه لما كان المقام في الأنفال مقام الإنتصار وإبراز دور الإمداد الرباني قدم (به) على القلوب والضمير يعود على الإمداد. ولما كان المقام في آل عمران هو الطمأنينة وتسكين القلوب قدمها على الإمداد فقال (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) وزاد كلمة (لكم) فقال (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ) زيادة في المواساة والمسح على القلوب فجعل كلاً في مقامه.