ثم إن ضيف إبراهيم قالوا (سلاماً) أي حيّوه بجملة فعلية وهو حيّاهم بجملة إسمية والجملة الإسمية أقوى لغوياً وأثبت للمعنى وأبلغ إذن فسيدنا إبراهيم ردّ التحية بخير منها وهذا من مظاهر الإكرام أيضاً.
قال (قوم منكرون) ولم يقل إنكم قوم منكرون لكن عندما رآهم قال قوم غرباء بشكل عام ولم يوجّه الخطاب لهم مباشرة وهذا من باب التكريم، وهذا يختلف عما جاء في قصة لوط عندما قال (إنكم قوم منكرون) لمّا جاءه الرسل لأنه كان في حالة أزمة.
(فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ) والعجل السمين من مظاهر الإكرام وراغ معناها أنه ذهب بخفية ولم يرد أن يظهر أنه ذهب وهذا من إكرام الضيف.
(فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ) وهذا أيضاً من باب الإكرام أن قرّب لهم الطعام وقال ألا تأكلون.
(قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ) ظهر عليه الخوف هنا وعمّ الخوف أهل البيت جميعاً.
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) لم يرد إبراهيم أن يطلعهم على خوفه وهذا من مظاهر التكريم ولم يقل هنا أوجس في نفسه كما جاء في قصة موسى لأن الخوف قد يظهر وقد لا يظهر وفي قصة موسى لم يُرد أن يُظهر خوفه لأنه في مواجهة فرعون وقومه.
(قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) واجههم بالخوف وأجهروا بالبشرى فكما قال لهم إنا منكم وجلون قالوا له إنا نبشرك بغلام عليم، واعترف إبراهيم أنه يشك فيهم مما بلغه من الخوف فقال (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ)
(وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ) لم يعترض إبراهيم هنا لأن الإعتراض ليس من مقام الإكرام فلم يشك في قولهم ولا اعترض عليهم
لم يذكر امرأة إبراهيم لأن الخوف هنا كان طاغياً على البيت كله وأهله ولهذا لم تظهر امرأته لمواجهتهم.


الصفحة التالية
Icon