قال تعالى في سورة الواقعة (لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ ﴿١٩﴾ ) وفي سورة الصافات (لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴿٤٧﴾ ). وكلمة (يُنزفون) من أنزف لها معنيين: أنزف يُنزف بمعنى سكِر وبمعنى نفذ شرابه وانقطع، ويقال أنزف القوم إذا نفذ شرابهم وهو فعل لازم غير متعدي. ويُنزف فعل متعدي معناه سكِر وذهب عقله من السكر.
إذا استعرضنا الآيات في السورتين لوجدنا ما يلي:
سورة الصافات... سورة الواقعة
وردت في عباد الله الآخِرين وهم أقلّ درجة من السابقين.... وردت يُنزفون في السابقين وشرح أحوال السابقين وجزاؤهم ونعيمهم في الجنّة. وفي الجنة صنفين من أصناف المؤمنين السابقون وهم قِلّة وفي درجات عليا
(أولئك لهم رزق معلوم فواكه وهم مكرمون) لا يوجد تخيير هنا... ذكر (وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون) في الآية تخيير وزيادة لحم طير
(وهم مكرمون في جنات النعيم)... (أولئك المقربون في جنات النعيم) التقريب هو الإكرام وزيادة
(على سرر متقابلين) لم يذكر إلا التقابل فقط... (على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين) التنعّم هنا أكثر: موضونة، إتّكاء، تقابل
(يُطاف عليهم) الفاعل مبني للمجهول ولم يُحدد... (يطوف عليهم ولدان مخلدون) تحديد الولدان المخلدون
(كأس من معين) كأس واحد فقط... (بأكواب وأباريق وكأس من معين) زيادة وتنويع في الأواني لتنوع الأشربة
(لا فيها غول ولا هم يُنزفون) الغول إما للإفساد والإهلاك وإما اغتيال العقول، لا تهلك الجسم ولا تفسده ولا تسكره. ونفي الغول لا ينفي الصداع. وإذا كان المقصود بالغول إفساد العقول فالغول وينزفون بمعنى واحد لكن الأول يكون صفة المشروب والثانية صفة الشارب... (لا يصدّعون عنها ولا يُنزفون) لا يصيبهم صداع ونفي الصداع نفي لما هو أكبر وهو الغول. والآية تدل على أن خمر الجنة لا تُسكر ولا ينقطع الشراب فالتكريم هنا أعلى من سورة الصافات.


الصفحة التالية
Icon