وقد تقدم تفسير قوله : ٢٧٧ - ﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾ إلى آخر الآية
وقد أخرج أبو يعلى من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله :﴿ الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ﴾ قال : يعرفون يوم القيامة بذلك لا يستطيعون القيام إلا كما يقوم المتخبط المنخنق ﴿ ذلك بأنهم قالوا : إنما البيع مثل الربا ﴾ وكذبوا على الله ﴿ وأحل الله البيع وحرم الربا ﴾ ومن عاد فأكل الربا ﴿ فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ﴾ وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في الآية قال : آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عنه أيضا في قوله :﴿ لا يقومون ﴾ قال : ذلك حين يبعث من قبره وأخرج الأصبهاني في ترغيبه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ يأتي آكل الربا يوم القيامة مختبلا يجر شفتيه ثم قرأ ﴿ لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ﴾ ] وقد وردت أحاديث كثيرة في تعظيم ذنب الربا منها من حديث عبد الله بن مسعود عند الحاكم وصححه والبيهقي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :[ الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم ] ومن حديث أبي هريرة مرفوعا عند ابن ماجه والبيهقي بلفظ [ سبعون بابا ] وورد هذا المعنى مع اختلاف العدد عن عبد الله بن سلام وكعب وابن عباس وأنس وأخرج ابن جرير عن الربيع في الآية قال : يبعثون يوم القيامة وبهم خبل من الشيطان وهي في بعض القراءات : لا يقومون يوم القيامة يعني قراءة ابن مسعود المتقدم ذكرها وفي الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة قالت : لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا [ خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المسجد فقرأهن على الناس ثم حرم التجارة في الخمر ] وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عمر بن الخطاب أنه خطب فقال : إن من آخر القرآن نزولا آية الربا وإنه قد مات رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يبينه لنا فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم وأخرج البخاري وغيره عن ابن عباس أنه قال : آخر آية أنزلها على رسوله آية الربا وأخرج البيهقي في الدلائل عن عمر مثله وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الربا الذي نهى الله عنه قال : كان أهل الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول : لك كذا وكذا وتؤخر عني فيؤخر عنه وأخرج أيضا عن قتادة نحوه وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير نحوه أيضا وزاد في قوله :﴿ فمن جاءه موعظة من ربه ﴾ قال : يعني البيان الذي في القرآن في تحريم الربا فانتهى عنه ﴿ فله ما سلف ﴾ يعني فله ما كان أكل من الربا قبل التحريم ﴿ وأمره إلى الله ﴾ يعني بعد التحريم وبعد تركه إن شاء عصمه منه وإن شاء لم يفعل ﴿ ومن عاد ﴾ يعني في الربا بعد التحريم فاستحله بقولهم :﴿ إنما البيع مثل الربا ﴾ - ﴿ فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ﴾ يعني لا يموتون وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله :﴿ يمحق الله الربا ﴾ قال : ينقص الربا ﴿ ويربي الصدقات ﴾ قال : يزيد فيها وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعا [ من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل ] وأخرج البزار وابن جرير وابن حبان والطبراني من حديث عائشة نحوه وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر مرفوعا نحوه أيضا وفي حديث عائشة وابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ بعد أن ساق الحديث ﴿ يمحق الله الربا ويربي الصدقات ﴾ وأخرج الطبراني عن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ إن العبد ليتصدق بالكسرة تربو عند الله حتى تكون مثل أحد ] وهذه الأحاديث تبين معنى الآية