قوله ٥٠ - ﴿ ومصدقا ﴾ عطف على قوله ﴿ ورسولا ﴾ وقيل : المعنى وجئتكم مصدقا قوله ﴿ ولأحل ﴾ أي ولأجل أن أحل : أي جئتكم بآية من ربكم وجئتكم لأحل لكم بعض الذي حرم عليكم من الأطعمة في التوراة كالشحوم وكل ذي ظفر وقيل : إنما أحل لهم ما حرمته عليهم الأحبار ولم تحرمه التوراة وقال أبو عبيدة : يجوز أن يكون بعض بمعنى كل وأنشد :

( تراك أمكنة إذا لم أرضها أو يرتبط بعض النفوس حمامها )
قال القرطبي : وهذا القول غلط عند أهل النظر من أهل اللغة لأن البعض والجزء لا يكونان بمعنى الكل ولأن عيسى لم يحلل لهم جميع ما حرمته عليهم التوارة فإنه لم يحلل القتل ولا السرق ولا الفاحشة وغير ذلك من المحرمات الثابتة في الإنجيل مع كونها ثابتة في التوراة وهي كثيرة يعرف ذلك من المحرمات الثابتة في الإنجيل مع كونها ثابتة في التوراة وهي كثيرة يعرف ذلك من يعرف الكتابين ولكنه قد يقع البعض موقع الكل مع القرينة كقول الشاعر :
( أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا حنانيك بعض الشر أهون من بعض )
أي بعض الشر أهون من كله
قوله ﴿ بآية من ربكم ﴾ هي قوله ٥١ - ﴿ إن الله ربي وربكم ﴾ وإنما كان ذلك آية لأن من قبله من الرسل كانوا يقولون ذلك فمجيئه بما جاءت به الرسل يكون علامة على نبوته ويحتمل أن تكون هذه الآية المتقدمة فتكون تكريرا لقوله ﴿ أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين ﴾ الآية
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ بكلمة ﴾ قال : عيسى هو الكلمة من الله وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : المهد : مضجع الصبي في رضاعه وقد ثبت في الصحيح أنه لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج كان يصلي فجاءته أمه فدعته فقال : أجيبها أو أصلي ؟ فقالت : اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات وكان جريج في صومعة فتعرضت له امرأة وكلمته فأبى فأتت راعيا فأمكنته من نفسها فولدت غلاما فقالت : من جريج فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه فتوضأ وصلى ثم أتى الغلام فقال : من أبوك يا غلام ؟ قال : الراعي قالوا : نبني صومعتك من ذهب ؟ قال : لا إلا من طين وكانت امرأة من بني إسرائيل ترضع ابنا لها فمر بها رجل راكب ذو شارة فقالت : اللهم اجعل ابني مثله فترك ثديها وأقبل على الراكب فقال : اللهم لا تجعلني مثله ثم أقبل على ثديها يمصه ثم مر بأمة تجرجر ويلعب بها فقالت : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه فترك ثديها فقال : اللهم اجعلني مثلها فقالت : لم ذاك ؟ فقال : الراكب جبار من الجبابرة وهذه الأمة يقولون لها زنيت وتقول : حسبي الله ونعم الوكيل ويقولون : سرقت وتقول : حسبي الله وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ لم يتكلم في المهد إلا عيسى وشاهد يوسف وصاحب جريج وابن ماشطة فرعون ] وأخرج عبدبن حميد و إبن جرير عن قتادة في قوله ﴿ ويكلم الناس في المهد وكهلا ﴾ قال : يكلمهم صغيرا وكبيرا وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الكهل هو من في سن الكهولة وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الكهل الحليم وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ ويعلمه الكتاب ﴾ قال : الخط بالقلم وأخرج ابن جرير عن ابن جريج نحوه وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : إنما خلق عيسى طائرا واحدا وهو الخفاش وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال : الأكمه الذي يولد أعمى وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال : الأكمه الأعمى الممسوح العينين وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الأكمه الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل وأخرجوا عن عكرمة قالوا : الأكمه الأعمش وأخرج أحمد في الزهد عن خالد الحذاء قال : كان عيسى ابن مريم إذا سرح رسله يحيون الموتى يقول لهم قولوا كذا فإذا وجدتم قشعريرة ودمعة فادعوا عند ذلك وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وأنبئكم بما تأكلون ﴾ قال : بما أكلتم البارحة من طعام وما خبأتم منه وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمار بن ياسر قال ﴿ أنبئكم بما تأكلون ﴾ من المائدة ﴿ وما تدخرون ﴾ منها وكان أخذ عليهم في المائدة حين نزلت أن يأكلوا ولا يدخروا فأكلوا وادخروا وخانوا فجعلوا قردة وخنازير وأخرج ابن جرير عن وهب أن عيسى كان على شريعة موسى وكان يسبت ويستقبل بيت المقدس وقال لبني إسرائيل : إني لم أدعكم إلى خلاف حرف مما في التوراة إلا لأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وأضع عنكم من الآصار وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في الآية : قال : كان الذي جاء به عيسى ألين مما جاء به موسى وكان قد حرم عليهم فيما جاء به موسى لحوم الإبل والثروب فأحلها لهم على لسان عيسى وحرم عليهم الشحوم فأحلت لهم فيما جاء به عيسى وفي أشياء من السمك وفي أشياء من الطير وفي أشياء أخر حرمها عليهم وشدد عليهم فيها فجاءهم عيسى بالتخفيف منه في الإنجيل وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة مثله وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وجئتكم بآية من ربكم ﴾ قال : ما بين لهم عيسى من الأشياء كلها وما أعطاه ربه


الصفحة التالية
Icon