قوله ٧٧ - ﴿ إن الذين يشترون بعهد الله ﴾ أي : يستبدلون كما تقدم تحقيقه غير مرة وعهد الله هو ما عاهدوه عليه من الإيمان بالنبي صلى الله عليه و سلم والأيمان هي التي كانوا يحلفون أنهم يؤمنون به وينصرونه وسيأتي بيان سبب نزول الآية ﴿ أولئك ﴾ أي : الموصوفون بهذه الصفة ﴿ لا خلاق لهم في الآخرة ﴾ أي : لا نصيب ﴿ ولا يكلمهم الله ﴾ بشيء أصلا كما يفيده حذف المتعلق من التعميم ألا يكلمهم بما يسرهم ﴿ ولا ينظر إليهم يوم القيامة ﴾ نظر رحمة بل يسخط عليهم ويعذبهم بذنوبهم كما يفيده قوله ﴿ ولهم عذاب أليم ﴾
وقد أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله :﴿ ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ﴾ قال : هذا من النصارى ﴿ ومنهم من إن تأمنه بدينار ﴾ قال : هذا من اليهود ﴿ إلا ما دمت عليه قائما ﴾ قال : إلا ما طلبته واتبعته وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ﴾ قال : قالت اليهود : ليس علينا فيما أصبنا من مال العرب سبيل وأخرج ابن جرير عن السدي نحوه وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ﴾ قال النبي صلى الله عليه و سلم :[ كذب أعداء الله ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي هاتين إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر ] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن صعصعة أنه سأل ابن عباس فقال : إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة قال ابن عباس : فتقولون ماذا ؟ قال : نقول ليس علينا في ذلك من بأس قال : هذا كما قال ابن عباس :﴿ ليس علينا في الأميين سبيل ﴾ إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب نفوسهم وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ﴿ بلى من أوفى بعهده واتقى ﴾ يقول : اتقى الشرك ﴿ فإن الله يحب المتقين ﴾ يقول : الذين يتقون الشرك وأخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان فقال الأشعث بن قيس : في والله كان ذلك كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم ألك بينة ؟ قلت : لا قال لليهودي : احلف فقلت : يا رسول الله إذن يحلف فيذهب مالي فأنزل الله ﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾ إلى آخر الآية ] وقد روي : أن سبب نزول الآية أن رجلا كان يحلف بالسوق : لقد أعطى بسلعته ما لم يعط بها أخرجه البخاري وغيره وروي أن سبب نزولها مخاصمة كانت بين الأشعث وامرئ القيس ورجل من حضرموت أخرجه النسائي وغيره