وهي قوله ﴿ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار ﴾ في حكم البيان لها قوله ﴿ ملء الأرض ذهبا ﴾ الملء بالكسر مقدار ما يملأ الشيء والملء بالفتح مصدر ملأت الشيء وذهبا تمييز قاله الفراء وغيره وقال الكسائي : نصب على إضمار من ذهب كقوله ﴿ أو عدل ذلك صياما ﴾ أي من صيام وقرأ الأعمش ذهب بالرفع على أنه بدل من ملء والواو في قوله ﴿ ولو افتدى به ﴾ قيل : هي مقحمة زائدة والمعنى لو افتدى به وقيل : فيه حمل على الغني كأنه قيل : فلن يقبل من أحدهم فدية ولو افتدى بملء الأرض ذهبا وقيل : هو عطف على مقدر : أي لن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا لو تصدق به في الدنيا ولو افتدى به من العذاب : أي بمثله
وقد أخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال :[ كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد والحق بالمشركين ثم ندم فأرسل إلى قومه : أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم هل لي من توبة ؟ فنزلت :﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ﴾ إلى قوله :﴿ غفور رحيم ﴾ فأرسل إليه قومه فأسلم ] وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد نحوه وقال : هو الحارث بن سويد وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي نحوه وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر عن ابن عباس نحوه أيضا وقد روي عن جماعة نحوه أيضا وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ﴾ قال : هم أهل الكتاب من اليهود عرفوا محمدا ثم كفروا به وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال : هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى وذكر نحو ما تقدم عنه وأخرج البزار عن ابن عباس : أن قوما أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلت هذه الآية ﴿ إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا ﴾ قال السيوطي : هذا خطأ من البزار وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : اليهود والنصارى لن تقبل توبتهم عند الموت وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : هم اليهود كفروا بالإنجيل وعيسى ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه و سلم والقرآن وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : إنما نزلت في اليهود والنصارى كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا بذنوب أذنبوها ثم ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب في كفرهم ولو كانوا على الهدى قبلت توبتهم ولكنهم على الضلالة وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ ثم ازدادوا كفرا ﴾ قال : نموا على كفرهم وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله :﴿ ثم ازدادوا كفرا ﴾ قال : ماتوا وهم كفار ﴿ لن تقبل توبتهم ﴾ قال : إذا تاب عند موته لم تقبل توبته وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ﴿ لن تقبل توبتهم ﴾ قال : تابعوا من الذنوب ولم يتوبوا من الأصل وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ وماتوا وهم كفار ﴾ قال : هو كل كافر وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم :[ يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له : أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت مفتديا به فيقول : نعم فيقال له : لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك فذلك قوله تعالى :﴿ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار ﴾ الآية ]


الصفحة التالية
Icon