قوله ٩٨ - ﴿ قل يا أهل الكتاب ﴾ خطاب لليهود والنصارى والاستفهام في قوله ﴿ لم تكفرون ﴾ للإنكار والتوبيخ وقوله ﴿ والله شهيد على ما تعملون ﴾ جملة حالية مؤكدة للتوبيخ والإنكار وهكذا المجيء بصيغة المبالغة في شهيد يفيد مزيد التشديد والتهويل
والاستفهام في قوله ٩٩ - ﴿ لم تصدون ﴾ يفيد ما أفاده الاستفهام الأول وقرأ الحسن ﴿ تصدون ﴾ من أصد وهما لغتان : مثل صد اللحم وأصد : إذا تغير وأنتن وسبيل الله دينه الذي ارتضاه لعباده وهو دين الإسلام والعوج : الميل والزيغ يقال : عوج بالكسر إذا كان في الدين والقول والعمل وبالفتح في الأجسام كالجدار ونحوه روي ذلك عن أبي عبيدة وغيره ومحل قوله ﴿ يبغونها عوجا ﴾ النصب على الحال والمعنى : تطلبون لها اعوجاجا وميلا عن القصد والاستقامة بإبهامكم على الناس بأنها كذلك تثقيفا لتحريفكم وتقويما لدعاويكم الباطلة وقوله ﴿ وأنتم شهداء ﴾ جملة حالية : أي كيف تطلبون ذلك بملة الإسلام والحال أنكم تشهدون أنها دين الله الذي لا يقبل غيره الإسلام وأن فيه نعت محمد صلى الله عليه و سلم وقيل : المراد ﴿ وأنتم شهداء ﴾ أي : عقلاء وقيل : المعنى وأنتم شهداء بين أهل دينكم مقبولون عندهم فكيف تأتون بالباطل الذي يخالف ما أنتم عليه بين أهل دينكم ؟ ثم توعدهم سبحانه بقوله ﴿ وما الله بغافل عما تعملون ﴾
ثم خاطب سبحانه المؤمنين محذرا لهم عن طاعة اليهود والنصارى مبينا لهم أن تلك الطاعة تفضي إلى أن يردونهم بعد إيمانهم كافرين وسيأتي بيان سبب نزول الآية ١٠٠ - ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ﴾
والاستفهام في قوله ١٠١ - ﴿ وكيف تكفرون ﴾ للإنكار : أي من أين يأتيكم ذلك ولديكم ما يمنع منه ويقطع أثره وهو تلاوة آيات الله عليكم وكون رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أظهركم ؟ ومحل قوله ﴿ وأنتم ﴾ وما عبده النصب على الحال ثم أرشدهم إلى الاعتصام بالله ليحصل لهم بذلك الهداية إلى الصراط المستقيم الذي هو الإسلام وفي وصف الصراط بالإستقامة رد على ما ادعوه من العوج قال الزجاج : يجوز أن يكون هذا الخطاب لأصحاب محمد صلى الله عليه و سلم خاصة لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان فيهم وهم يشاهدونه ويجوز أن يكون هذا الخطاب لجميع الأمة لأن آثاره وعلامته والقرآن الذي أوتيه فينا فكأن رسول الله صلى الله عليه و سلم فينا وإن لم نشاهده انتهى ومعنى الاعتصام بالله التمسك بدينه وطاعته وقيل : بالقرآن يقال : اعتصم به واستعصم وتمسك واستمسك : إذا امتنع به من غيره وعصمه الطعام : منع الجوع منه