وقوله ١٠٦ - ﴿ يوم تبيض وجوه ﴾ منتصب بفعل مضمر : أي اذكر وقيل : بما دل عليه قوله ﴿ لهم عذاب عظيم ﴾ فإن تقديره استقر لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه أي : يوم القيامة حين يبعثون من قبورهم تكون وجوه المؤمنين مبيضة ووجوه الكافرين مسودة ويقال : إن ذلك عند قراءة الكتاب إذا قرأ المؤمن كتابه رأى حسناته فاستبشر وابيض وجهه وإذا قرأ الكافر كتابه رأى سيئاته فحزن واسود وجهه والتنكير في وجوه للكثير : أي وجوه كثيرة وقرأ يحيى بن وثاب تبيض وتسود بكسر التاءين وقرأ الزهري تبياض وتسواد قوله :﴿ أكفرتم ﴾ أي : فيقال لهم : أكفرتم والهمزة للتوبيخ والتعجيب من حالهم وهذا تفصيل لأحوال الفريقين بعد الإجمال وقدم بيان حال الكافرين لكون المقام مقام تحذير وترهيب قيل : هم أهل الكتاب وقيل : المرتدون وقيل : المنافقون وقيل : المبتدعون
وقوله ١٠٧ - ﴿ ففي رحمة الله ﴾ أي : في جنته ودار كرامته عبر عن ذلك بالرحمة إشارة إلى أن العمل لا يستقل بدخول صاحبه الجنة بل لا بد من الرحمة ومنه حديث [ لن يدخل أحد الجنة بعمله ] وهو في الصحيح وقوله :﴿ هم فيها خالدون ﴾ جملة استئنافية جواب سؤال مقدر وتلك إشارة إلى ما تقدم من تعذيب الكافرين وتنعيم المؤمنين
وقوله ١٠٨ - ﴿ نتلوها عليك بالحق ﴾ جملة حالية وبالحق متعلق بمحذوف : أي متلبسة بالحق وهو العدل وقوله ﴿ وما الله يريد ظلما للعالمين ﴾ جملة تذييلية مقررة لمضمون ما قبلها وفي توجه النفي إلى الإرادة الواقعة على النكرة دليل على أنه سبحانه لا يريد فردا من أفراد الظلم الواقعة على فرد من أفراد العالم والمراد بما في السموات وما في الأرض مخلوقاته سبحانه : أي له ذلك يتصرف فيه كيف يشاء وعلى ما يريد وعبر بما تغليبا لغير العقلاء على العقلاء لكثرتهم أو لتنزيل العقلاء منزلة غيرهم قال المهدوي : وجه اتصال هذا بما قبله أنه لما ذكر أحوال المؤمنين والكافرين وأنه لا يريد ظلما للعالمين وصله يذكر اتساع قدرته وغناه عن الظلم لكون ما في السموات وما في الأرض في قبضته وقيل : هو ابتداء كلام يتضمن البيان لعباده بأن جميع ما في السموات وما في الأرض له حتى يسألوه ويعبدوه ولا يعبدوا غيره


الصفحة التالية
Icon