قوله ١٢٤ - ﴿ إذ تقول ﴾ متعلق بقوله ﴿ نصركم ﴾ والهمزة في قوله ﴿ ألن يكفيكم ﴾ للإنكار منه صلى الله عليه و سلم عدم اكتفائهم بذلك المدد من الملائكة ومعنى الكفاية سد الخلة والقيام بالأمر والإمداد في الأصل : إعطاء الشيء حالا بعد حال والمجيء بلن لتأكيد النفي
وأصل الفور : القصد إلى الشيء والأخذ فيه بجد وهو من قولهم فارت القدر تفور فورا وفورانا : إذا غلت والفور : الغليان وفار غضبه : إذا جاش وفعله من فوره أي : قبل أن يكسن والفوارة ما يفور من القدر استعير للسرعة : أي إن يأتوكم من ساعتهم هذه يمددكم ربكم بالملائكة في حال إتيانهم لا يتأخر عن ذلك قوله : ١٢٥ - ﴿ مسومين ﴾ بفتح الواو اسم مفعول وهي قراءة ابن عامر و حمزة و الكسائي و نافع : أي معلمين بعلامات وقرأ ابن عمرو وابن كثير وعاصم ﴿ مسومين ﴾ بكسر الواو اسم فاعل : أي معلمين أنفسهم بعلامة ورجح ابن جرير هذه القراة والتسويم إظهار سيما الشيء قال كثير من المفسرين ﴿ مسومين ﴾ أي : مرسلين خيلهم في الغارة وقيل : إن الملائكة اعتمت بعمائم بيض وقيل : حمر وقيل : خضر وقيل : صفر فهذه هي العلامة التي علموا بها أنفسهم حكي ذلك عن الزجاج وقيل : كانوا على خيل بلق وقيل غير ذلك
قوله ١٢٦ - ﴿ وما جعله الله إلا بشرى لكم ﴾ كلام مبتدأ غير داخل في مقول القول والضمير في قوله ﴿ جعله ﴾ للإمداد المدلول عليه بالفعل أو للتسويم أو للإنزال ورجح الأول الزجاج وصاحب الكشاف وقوله ﴿ إلا بشرى ﴾ استثناء مفرغ من أعم العام والبشرى اسم من البشارة : أي إلا لتبشروا بأنكم تنصرون ولتطمئن قلوبكم به : أي بالإمداد واللام لام كي جعل الله ذلك الإمداد بشرى بالنصر وطمأنينة للقلوب وفي قصر الإمداد عليهما إشارة إلى عدم مباشرة الملائكة للقتال يومئذ ﴿ وما النصر إلا من عند الله ﴾ لا من عند غيره فلا تنفع كثرة المقاتلة ووجود العدة
قوله : ١٢٧ - ﴿ ليقطع طرفا من الذين كفروا ﴾ متعلق بقوله ﴿ ولقد نصركم الله ببدر ﴾ وقيل : متعلق بقوله ﴿ وما النصر إلا من عند الله ﴾ وقيل : متعلق بقوله ﴿ يمددكم ﴾ والطرف الطائفة والمعنى : نصركم الله ببدر ليقطع طائفة من الكفار وهم الذين قتلوا يوم بدر أو وما النصر إلا من عند الله ليقطع تلك الطائفة أو يمددكم ليقطع ومعنى يكبتهم يحزنهم والمكبوت المحزون وقال بعض أهل اللغة : معناه يكيدهم : أي يصيبهم بالحزن والغيظ في أكبادهم وهو غير صحيح فإن معنى كبت أحزن وأغاظ وأذل ومعنى كبد أصاب الكبد ﴿ فينقلبوا خائبين ﴾ أي : غير ظافرين بمطلبهم
قوله ١٢٨ - ﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾ جملة اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه : أي أن الله مالك أمرهم يصنع بهم ما يشاء من الإهلاك أو الهزيمة أو التوبة إن أسلموا أو العذاب فقوله ﴿ أو يتوب عليهم أو يعذبهم ﴾ عطف على قوله : أو يكبتهم وقال الفراء : إن أو بمعنى إلا أن بمعنى ليس لك من الأمر شيء إلا أن يتوب عليهم فتفرح بذلك أو يعذبهم فتشفى بهم


الصفحة التالية
Icon