وقوله ١٧٠ - ﴿ فرحين ﴾ حال من الضمير في ﴿ يرزقون ﴾ و ﴿ بما آتاهم الله من فضله ﴾ متعلق به وقرأ ابن السميفع فارحين وهما لغتاان كالفره والفاره والحذر والحاذر والمراد ﴿ بما آتاهم الله ﴾ ما ساقه الله إليهم من الكرامة بالشهادة وما صاروا فيه من الحياة وما يصل إليهم من رزق الله سبحانه ﴿ ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم ﴾ من إخوانهم المجاهدين الذين لم يقتلوا إذ ذاك فالمراد باللحوق هنا أنهم لم يلحقوا بهم في القتل والشهادة بل سيلحقون بهم من بعد وقيل : المراد لم يلحقوا بهم في الفضل وإن كانوا أهل فضل في الجملة والواو في ﴿ ويستبشرون ﴾ عاطفة على ﴿ يرزقون ﴾ أي : يرزقون ويستبشرون وقيل : المراد بإخوانهم هنا جميع المسلمين الشهداء وغيرهم لأنهم لما عاينوا ثواب الله وحصل لهم اليقين بحقية دين الإسلام استبشروا بذلك لجميع أهل الإسلام الذين هم أحياء لم يموتوا وهذا أقوى لأن معناه أوسع وفائدته أكثر واللفظ يحتمله بل هو الظاهر وبه قال الزجاج وابن فورك وقوله ﴿ ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾ بدل من الذين : أي يستبشرون بهذه الحالة الحاصلة لإخوانهم من أنه لا خوف عليهم ولا حزن وأن هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن المحذوف
وكرر قوله ١٧٢ - ﴿ يستبشرون ﴾ لتأكيد الأول ولبيان أن الاستبشار ليس لمجرد عدم الخوف والحزن بل به وبنعمة الله وفضله والنعمة : ما ينعم الله به على عباده والفضل : ما يتفضل به عليهم وقيل النعمة : الثواب والفضل الزائد وقيل : النعمة الجنة والفضل داخل في النعمة ذكر بعدها لتأكيدها وقيل : إن الاستبشار الأول متعلق بحال إخوانهم والاستبشار الثاني بحال أنفسهم قوله ﴿ وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ﴾ قرأ الكسائي بكسر الهمزة من أن وقرأ الباقون بفتحها فعلى القراءة الأولى هو مستأنف اعتراض وفيه دلالة على أن الله لا يضيع أجر شيء من أعمال المؤمنين ويؤيده قراءة ابن مسعود والله لا يضيع أجر المؤمنين وعلى القراءة الثانية الجملة عطف على فضل داخلة في جملة ما يستبشرون به