وقوله ١٨ - ﴿ وليست التوبة للذين يعملون السيئات ﴾ تصريح بما فهم من حصر التوبة فيما سبق على من عمل السوء بجهالة ثم تاب من قريب قوله ﴿ حتى إذا حضر أحدهم الموت ﴾ حتى حرف ابتداء والجملة المذكورة بعدها غاية لما قبلها وحضور الموت حضور علاماته وبلوغ المريض إلى حالة السياق ومصيره مغلوبا على نفسه مشغولا بخروجها من بدنه وهو وقت الغرغرة المذكورة في الحديث السابق وهي بلوغ روحه حلقومه قاله الهروي وقوله ﴿ قال إني تبت الآن ﴾ أي : وقت حضور الموت قوله ﴿ ولا الذين يموتون وهم كفار ﴾ معطوف على الموصول في قوله ﴿ للذين يعملون السيئات ﴾ أي : ليست التوبة لأولئك ولا للذين يموتون وهم كفار مع أنه لا توبة لهم رأسا وإنما ذكروا مبالغة في بيان عدم قبول توبة من حضرهم الموت وأن وجودها كعدمها
وقد أخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله ﴿ واللاتي يأتين الفاحشة ﴾ قال : كانت المرأة إذا فجرت حبست في البيوت فإن ماتت ماتت وإن عاشت عاشت حتى نزلت الآية في سورة النور ﴿ الزانية والزاني فاجلدوا ﴾ فجعل الله لهن سبيلا فمن عمل شيئا جلد وأرسل وقد روي هذا عنه من وجوه وأخرج أبو داود في سننه عنه والبيهقي في قوله ﴿ واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم ﴾ إلى قوله ﴿ سبيلا ﴾ ثم جمعهما جميعا فقال ﴿ واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ﴾ ثم نسخ ذلك بآية الجلد وقد قال بالنسخ جماعة من التابعين أخرجه أبو داود والبيهقي عن مجاهد وأخرجه عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن قتادة وأخرجه البيهقي في سننه عن الحسن وأخرجه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وأخرجه ابن جرير عن السدي وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله ﴿ واللذان يأتيانها منكم ﴾ قال : كان الرجل إذا زنا أوذي بالتعيير وضرب بالنعال فأنزل الله بعد هذه الآية ﴿ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ﴾ فإن كانا محصنين رجما في سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ واللذان يأتيانها منكم ﴾ قال : الرجلان الفاعلان وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ﴿ واللذان يأتيانها منكم ﴾ يعني البكرين وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : الرجل والمرأة وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ﴿ إنما التوبة على الله ﴾ الآية قال : هذه للمؤمنين وفي قوله ﴿ وليست التوبة للذين يعملون السيئات ﴾ قال : هذه لأهل النفاق ﴿ ولا الذين يموتون وهم كفار ﴾ قال : هذه لأهل الشرك وأخرج ابن جرير عن الربيع مثله وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال : اجتمع أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم فرأوا أن كل شيء عصي به فهو جهالة عمدا كان أو غيره وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي العالية أن أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم كانوا يقولون : كل ذنب أصابه عبد فهو جهالة وأخرج ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي عن صالح عن ابن عباس في قوله ﴿ إنما التوبة على الله ﴾ الآية قال : من عمل السوء فهو جاهل من جهالته عمل السوء ﴿ ثم يتوبون من قريب ﴾ قال : في الحياة والصحة وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال : القريب ما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في الشعب عن الضحاك قال : كل شيء قبل الموت فهو قريب له التوبة ما بينه وبين أن يعاين ملك الموت فإذا تاب حين ينظر إلى ملك الموت فليس له ذلك وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : القريب : ما لم يغرغر وقد وردت أحاديث كثيرة في قبول توبة العبد ما لم يغرغر ذكرها ابن كثير في تفسيره ومنها الحديث الذي قدمنا ذكره