قوله ٣٧ - ﴿ الذين يبخلون ﴾ هم في محل نصب بدلا من قوله ﴿ من كان مختالا ﴾ أو على الدم أو في محل رفع على الابتداء والخبر مقدم : أي لهم كذا وكذا من العذاب ويجوز أن يكون مرفوعا بدلا من الضمير المستتر في قوله ﴿ مختالا فخورا ﴾ ويجوز أن يكون منصوبا على تقدير أعني أو مرفوعا على الخبر والمبتدأ مقدر : أي هم الذين يبخلون والجملة في محل نصب على البدل والبخل المذموم في الشرع هو الامتناع من أداء ما أوجب الله وهؤلاء المذكورون في هذه الآية ضموا إلى ما وقعوا فيه من البخل الذي هو أشر خصال الشر ما هو أقبح منه وأدل على سقوط نفس فاعله وبلوغه في الرذالة إلى غايتها وهو أنهم مع بخلهم بأموالهم وكتمهم لما أنعم الله به عليهم من فضله ﴿ يأمرون الناس بالبخل ﴾ كأنهم يجدون في صدورهم من جود غيرهم بماله حرجا ومضاضة فلا كثر في عباده من أمثالكم هذه أموالكم قد بخلتم بها لكونكم تظنون انتقاصها بإخراج بعضها في مواضعه فما بالكم بخلتم بأموال غيركم ؟ مع أنه لا يلحقكم في ذلك ضرر وهل هذا إلا غاية اللوم ونهاية الحمق والرقاعة وقبح الطباع وسوء الاختيار وقد تقدم اختلاف القراءات في البخل وقد قيل : إن المراد بهذه الآية اليهود فإنهم جمعوا بين الاختيال والفخر والبخل بالمال وكتمان ما أنزل الله في التوراة وقيل : المراد بها المنافقون ولا يخفى أن اللفظ أوسع من ذلك وأكثر شمولا وأعم فائدة


الصفحة التالية
Icon