قوله ٥١ - ﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ﴾ هذا تعجيب من حالهم بعد التعجيب الأول وهم اليهود
واختلف المفسرون في معنى الجبت : فقال ابن عباس وابن جبير وأبو العالية الجبت : الساحر بلسان الحبشة والطاغوت : الكاهن وروي عن عمر بن الخطاب أن الجبت : السحر والطاغوت الشيطان وروي عن ابن مسعود أن الجبت والطاغوت ها هنا كعب بن الأشرف وقال قتادة : الجبت : الشيطان والطاغوت : الكاهن وروي عن مالك أن الطاغوت : ما عبد من دون الله والجبت : الشيطان وقيل : هما كل معبود من دون الله أو مطاع في معصية الله وأصل الجبت الجبس وهو الذي لا سير فيه فأبدلت التاء من السين قاله قطرب وقيل : الجبت : إبليس والطاغوت : أولياؤه قوله ﴿ ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ﴾ أي : يقول اليهود لكفار قريش : أنتم أهدى من الذين آمنوا بمحمد سبيلا : أي أقوم دينا وأرشد طريقا
وقوله ٥٢ - ﴿ أولئك ﴾ إشارة إلى القائلين ﴿ الذين لعنهم الله ﴾ أي : طردهم وأبعدهم من رحمته ﴿ ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا ﴾ يدفع عنه ما نزل به من عذاب الله وسخطه
قوله ٥٣ - ﴿ أم لهم نصيب من الملك ﴾ أم منقطعة والاستفهام للإنكار يعني ليس لهم نصيب من الملك ﴿ فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ﴾ والفاء للسببية الجزائية لشرط محذوف : أي إن جعل لهم نصيب من الملك على أن معنى أم الإضراب عن الأول والاستئناف للثاني وقيل : هي عاطفة على محذوف والتقدير : أهم أولى بالنبوة ممن أرسلته أم لهم نصيب من الملك فإذن لا يؤتون الناس نقيرا ؟ والنقير : النقرة في ظهر النواة وقيل : ما نقر الرجل بأصبعه كما ينقر الأرض والنقير أيضا : خشبة تنقر وينبذ فيها وقد نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن النقير كما ثبت في الصحيحين وغيرهما والنقير : الأصل يقال : فلان كريم النقير : أي كريم الأصل والمراد هنا : المعنى الأول والمقصود به المبالغة في الحقارة كالقطمير والفتيل وإذن هنا ملغاة غير عاملة لدخول فاء العطف عليها ولو نصب لجاز قال سيبويه : إذن في عوامل الأفعال بمنزلة أظن في عوامل الأسماء التي تلغى إذ لم يكن الكلام معتمدا عليها فإن كانت في أول الكلام وكان الذي بعدها مستقبلا نصبت
قوله ٥٤ - ﴿ أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ﴾ أم منقطعة مفيدة للانتقال عن توبيخهم بأمر إلى توبيخهم بآخر : أي بل يحسدون الناس يعني اليهود يحسدون النبي صلى الله عليه و سلم فقط أو يحسدونه هو وأصحابه على ما آتاهم الله من فضله من النبوة والنصر وقهر الأعداء قوله ﴿ فقد آتينا آل إبراهيم ﴾ هذا إلزام لليهود بما يعترفون به ولا ينكرونه : أي ليس ما آتينا محمدا وأصحابه من فضلنا ببدع حتى يحسدهم اليهود على ذلك فهم يعلمون بما آتينا آل إبراهيم وهم أسلاف محمد صلى الله عليه و سلم وقد تقدم تفسير الكتاب والحكمة والملك العظيم قيل : هو ملك سليمان