قوله ٩٠ - ﴿ إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ﴾ هو مستثنى من قوله ﴿ فخذوهم واقتلوهم ﴾ أي : إلا الذين يتصلون ويدخلون في قوم بينكم وبينهم ميثاق بالجوار والحلف فلا تقتلوهم لما بينهم وبين من بينكم وبينهم عهد وميثاق فإن العهد يشملهم هذا أصح ما قيل في معنى الآية وقيل : الاتصال هنا هو اتصال النسب والمعنى : إلا الذين ينتسبون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق قاله أبو عبيدة وقد أنكر ذلك أهل العلم عليه لأن النسب لا يمنع من القتال بالإجماع فقد كان بين المسلمين وبين المشركين أنساب ولم يمنع ذلك من القتال وقد اختلف في هؤلاء القوم الذين كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه و سلم ميثاق فقيل : هم قريش كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه و سلم ميثاق ﴿ والذين يصلون ﴾ إلى قريش هم بنو مدلج وقيل : نزلت في هلال بن عويمر وسراقة بن جعشم وخزيمة بن عامر بن عبد بمناف كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه و سلم عهد وقل : خزاعة وقيل : بنو بكر بن زيد قوله ﴿ أو جاؤوكم حصرت صدورهم ﴾ عطف على قوله ﴿ يصلون ﴾ داخل في حكم الاستثناء : أي إلا الذين يصلون والذين جاءوكم ويجوز أن يكون عطفا على صفة قوم : أي إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق والذين يصلون إلى قوم جاءوكم حصرت صدورهم : أي ضاقت صدورهم عن القتال فأمسكوا عنه والحصر الضيق والانقباض قال الفراء : وهو أي حصرت صدورهم حال من المضمر المرفوع في جاءوكم كما تقول : جاء فلان ذهب عقله أي : قد ذهب عقله وقال الزجاج : هو خبر بعد خبر أي جاءوكم ثم أخبر فقال ﴿ حصرت صدورهم ﴾ فعلى هذا يكون حصرت بدلا من جاءوكم وقيل : حصرت في موضع خفض على النعت لقوم وقيل التقدير : أو جاءوكم رجال أو قوم حصرت صدورهم وقرأ الحسن ﴿ أو جاؤوكم حصرت صدورهم ﴾ نصبا على الحال وقرئ حصرات وحاصرات وقال محمد بن يزيد المبرد : حصرت صدورهم هو دعاء عليهم كما تقول : لعن الله الكافر وضعفه بعض المفسرين وقيل : أو بمعنى الواو وقوله ﴿ أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ﴾ هو متعلق بقوله ﴿ حصرت صدورهم ﴾ أي : حصرت صدورهم عن قتالكم والقتال معكم لقومهم فضاقت صدورهم عن قتال الطائفتين وكرهوا ذلك ﴿ ولو شاء الله لسلطهم عليكم ﴾ ابتلاء منه لكم واختبارا كما قال سبحانه ﴿ ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ﴾ أو تمحيصا لكم أو عقوبة بذنوبكم ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك واللام في قوله ﴿ فلقاتلوكم ﴾ جواب لو على تكرير الجواب : أي لو شاء الله لسلطهم ولقاتلوكم والفاء للتعقيب ﴿ فإن اعتزلوكم ﴾ ولم يتعرضوا لقتالكم ﴿ وألقوا إليكم السلم ﴾ أي : استسلموا لكم وانقادوا ﴿ فما جعل الله لكم عليهم سبيلا ﴾ أي : طريقا فلا يحل لكم قتلهم ولا أسرهم ولا نهب أموالهم فهذا الاستسلام يمنع من ذلك ويحرمه


الصفحة التالية
Icon