قوله : ١٢ - ﴿ قل لمن ما في السموات والأرض ﴾ هذا احتجاج عليهم وتبكيت لهم والمعنى : قل لهم هذا القول فإن قالوا فقل لله وإذا ثبت أن له ما في السموات والأرض إما باعترافهم أو بقيام الحجة عليهم فالله قادر على أن يعاجلهم بالعقاب ولكنه كتب على نفسه الرحمة : أي وعد بها فضلا منه وتكرما وذكر النفس هنا عبارة عن تأكد وعده وارتفاع الوسائط دونه وفي الكلام ترغيب للمتولين عنه إلى الإقبال إليه وتسكين خواطرهم بأنه رحيم بعباده لا يعاجلهم بالعقوبة وأنه يقبل منهم الإنابة والتوبة ومن رحمته لهم إرسال الرسل وإنزال الكتب ونصب الأدلة قوله :﴿ ليجمعنكم إلى يوم القيامة ﴾ اللام جواب قسم محذوف قال الفراء وغيره : يجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله :﴿ الرحمة ﴾ ويكون ما بعدها مستأنفا على جهة التبيين فيكون المعنى ﴿ ليجمعنكم ﴾ ليمهلنكم وليؤخرن جمعكم وقيل المعنى : ليجمعنكم في القبور إلى اليوم الذي أنكرتموه وقيل :﴿ إلى ﴾ بمعنى في : أي ليجمعنكم في يوم القيامة وقيل يجوز أن يكون موضع ﴿ ليجمعنكم ﴾ النصب على البدل من الرحمة فتكون اللام بمعنى أن والمعنى : كتب ربكم على نفسه الرحمة أن يجمعنكم كما قالوا في قوله تعالى :﴿ ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه ﴾ أي أن يسجنوه وقيل إن جملة ﴿ ليجمعنكم ﴾ مسوقة للترهيب بعد الترغيب وللوعيد بعد الوعد : أي إن أمهلكم برحمته فهو مجازيكم بجمعكم ثم معاقبة من يستحق عقوبته من العصاة والضمير في ﴿ لا ريب فيه ﴾ لليوم أو للجمع قوله :﴿ الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ﴾ قال الزجاج : إن الموصول مرتفع على الابتداء وما بعده خبره كما تقول : الذي يكرمني فله درهم فالفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط وقال الأخفش : إن شئت كان ﴿ الذين ﴾ في موضع نصب على البدل من الكاف والميم في ﴿ ليجمعنكم ﴾ أي ليجمعن المشركين الذين خسروا أنفسهم وأنكره المبرد وزعم أنه خطأ لأنه لا يبدل من المخاطب ولا من المخاطب لا يقال : مررت بك زيد ولا مررت بي زيد ويل يجوز أن يكون ﴿ الذين ﴾ مجرورا على البدل من المكذبين الذين تقدم ذكرهم أو على النعت لهم وقيل إنه منادى وحرف النداء مقدر


الصفحة التالية
Icon