قوله : ١٧ - ﴿ وإن يمسسك الله بضر ﴾ أي إن ينزل الله بك ضرا من فقر أو مرض ﴿ فلا كاشف له إلا هو ﴾ أي لا قادر على كشفه سواه ﴿ وإن يمسسك بخير ﴾ من رخاء أو عافية ﴿ فهو على كل شيء قدير ﴾ ومن جملة ذلك المس بالشر والخير
قوله : ١٨ - ﴿ وهو القاهر فوق عباده ﴾ القهر : الغلبة والقاهر : الغالب وأقهر الرجل : إذا صار مقهورا ذليلا ومنه قول الشاعر :

( تمنى حصين أن يسود خزاعة فأمسى حصين قد أذل وأقهرا )
ومعنى :﴿ فوق عباده ﴾ فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم لا فوقية المكان كما تقول : السلطان فوق رعيته : أي بالمنزلة والرفعة وفي القهر معنى زائد ليس في القدرة وهو منع غيره عن بلوغ المراد ﴿ وهو الحكيم ﴾ في أمره ﴿ الخبير ﴾ بأفعال عباده
قوله : ١٩ - ﴿ قل أي شيء أكبر شهادة ﴾ أي مبتدأ وأكبر خبره وشهادة تمييز والشيء يطلق على القديم والحادث والمحال والممكن والمعنى : أي شهيد أكبر شهادة فوضع شيء موضع شهيد وقيل إن ﴿ شيء ﴾ هنا موضوع موضع اسم الله والمعنى : لله أكبر شهادة : أي انفراده بالربوبية وقيام البراهين على توحيده أكبر شهادة وأعظم فهو شهيد بيني وبينكم وقيل إن قوله :﴿ الله شهيد بيني وبينكم ﴾ هو الجواب لأنه إذا كان الشهيد بينه وبينهم كان أكبر شهادة له صلى الله عليه و سلم وقيل إنه قد تم الجواب عند قوله :﴿ قل الله ﴾ يعني الله أكبر شهادة ثم ابتدأ فقال :﴿ شهيد بيني وبينكم ﴾ أي هو شهيد بيني وبينكم قوله :﴿ وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ﴾ أي أوحى الله إلي هذا القرآن الذي تلوته عليكم لأجل أن أنذركم به وأنذر به من بلغ إليه : أي كل من بلغ إليه من موجود ومعدوم سيوجد في الأزمنة المستقبلة وفي هذه الآية من الدلالة على شمول أحكام القرآن لمن سيوجد كشمولها لمن قد كان موجودا وقت النزول ما لا يحتاج معه إلى تلك الخزعبلات المذكورة في علم أصول الفقه وقرأ أبو نهيك ﴿ وأوحي ﴾ على البناء للفاعل وقرأ ابن عداة على البناء للمفعول قوله :﴿ أإنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ﴾ الاستفهام للتوبيخ والتقريع على قراءة من قرأ بهمزتين على الأصل أو بقلب الثانية وأما من قرأ على الخبر فقد حقق عليهم شركهم وإنما قال :﴿ آلهة أخرى ﴾ لأن الآلهة جمع والجمع يقع عليه التأنيث كذا قال الفراء ومثله قوله تعالى :﴿ ولله الأسماء الحسنى ﴾ وقال :﴿ فما بال القرون الأولى ﴾ ﴿ قل لا أشهد ﴾ أي فأنا لا أشهد معكم فحذف لدلالة الكلام عليه وذلك لكون هذه الشهادة باطلة ومثله ﴿ فإن شهدوا فلا تشهد معهم ﴾ وما في ﴿ مما تشركون ﴾ موصولة أو مصدرية : أي من الأصنام التي تجعلونها آلهة أو من إشراككم بالله


الصفحة التالية
Icon