٢٩ - ﴿ وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا ﴾ أي ما هي إلا حياتنا الدنيا ﴿ وما نحن بمبعوثين ﴾ بعد الموت وهذا من شدة تمردهم وعنادهم حيث يقولون هذه المقالة على تقدير أنهم رجعوا إلى الدنيا بعد مشاهدتهم للبعث
قوله : ٣٠ - ﴿ ولو ترى إذ وقفوا على ربهم ﴾ قد تقدم تفسيره في قوله :﴿ ولو ترى إذ وقفوا على النار ﴾ أي حبسوا على ما يكون من أمر ربهم فيهم وقيل على بمعنى عند وجواب لو محذوف : أي لشاهدت أمرا عظيما والاستفهام في ﴿ أليس هذا بالحق ﴾ للتقريع والتوبيخ : أي أليس هذا البعث الذي ينكرونه كائنا موجودا وهذا الجزاء الذي يجحدونه حاضرا ﴿ قالوا بلى وربنا ﴾ اعترفوا بما أنكروا وأكدوا اعترافهم بالقسم ﴿ قال فذوقوا العذاب ﴾ الذي تشاهدونه وهو عذاب النار ﴿ بما كنتم تكفرون ﴾ أي بسبب كفركم به أو بكل شيء مما أمرتم بالإيمان به في دار الدنيا
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثم لم تكن فتنتهم ﴾ قال : معذرتهم وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه ﴿ ثم لم تكن فتنتهم ﴾ قال : حجتهم ﴿ إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ﴾ يعني المنافقين والمشركين قالوا وهم في النار : هلم فلنكذب فلعله أن ينفعنا فقال الله :﴿ انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ﴾ في القيامة ﴿ ما كانوا يفترون ﴾ يكذبون في الدنيا وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه في قوله :﴿ والله ربنا ما كنا مشركين ﴾ ثم قال :﴿ ولا يكتمون الله حديثا ﴾ قال : بجوارحهم وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ انظر كيف كذبوا على أنفسهم ﴾ قال : باعتذارهم الباطل ﴿ وضل عنهم ما كانوا يفترون ﴾ قال : ما كانوا يشركون وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله :﴿ ومنهم من يستمع إليك ﴾ قال : قريش وفي قوله :﴿ وجعلنا على قلوبهم أكنة ﴾ قال : كالجعبة للنبل وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ﴾ قال : يسمعونه بآذانهم ولا يعون منه شيئا كمثل البهيمة التي لا تسمع النداء ولا تدري ما يقال لها وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال : الغطاء أكن قلوبهم أن يفقهوه والوقر الصمم و ﴿ أساطير الأولين ﴾ أساجيع الأولين وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : أساطير الأولين : أحاديث الأولين وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : أساطير الأولين : كذب الأولين وباطلهم وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله :﴿ وهم ينهون عنه وينأون عنه ﴾ قال : نزلت في أبي طالب كان ينهى المشركين أن يردوا رسول الله صلى الله عليه و سلم ويتباعد عما جاء به وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن القاسم بن مخيمرة نحوه وأخرج ابن جرير عن عطاء نحوه أيضا وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : ينهون عنه الناس أن يؤمنوا به ﴿ وينأون عنه ﴾ : يتباعدون وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عنه قال : لا يلقونه ولا يدعون أحدا يأتيه وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن الحنفية في الآية قال : كفار مكة كانوا يدفعون الناس عنه ولا يجيبونه وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : ينهون عن القرآن وعن النبي صلى الله عليه و سلم ﴿ وينأون عنه ﴾ يتباعدون عنه وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال في الآية قال : نزلت في عمومة النبي صلى الله عليه و سلم وكانوا عشرة فكانوا أشد الناس معه في العلانية وأشد الناس عليه في السر وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله :﴿ بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ﴾ قال : من أعمالهم ﴿ ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ﴾ يقول : ولو وصل الله لهم دنيا كدنياهم التي كانوا فيها لعادوا إلى أعمالهم أعمال السوء التي كانوا نهوا عنها وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى فقال :﴿ ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ﴾ أي ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حيل بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا