قوله : ٣٢ - ﴿ وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو ﴾ أي وما متاع الدنيا إلا لعب ولهو على تقدير حذف مضاف أو ما الدنيا من حيث هي إلا لعب ولهو والقصد بالآية تكذيب الكفار في قولهم :﴿ ما هي إلا حياتنا الدنيا ﴾ واللعب معروف وكذلك اللهو وكل ما يشغلك فقد ألهاك وقيل أصله الصرف عن الشيء ورد بأن اللهو بمعنى الصرف لامه ياء يقال : لهيت عنه ولام اللهو واو يقال : لهوت بكذا ﴿ وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ﴾ سميت آخرة لتأخرها عن الدنيا : أي هي خير للذين يتقون الشرك والمعاصي أفلا تعقلون ذلك قرأ ابن عامر ﴿ ولدار الآخرة ﴾ بلام واحدة وبالإضافة وقرأ الجمهور باللام التي للتعريف معها وجعل الآخرة نعتا لها والخبر خير وقرئ ﴿ تعقلون ﴾ بالفوقية والتحتية
قوله : ٣٣ - ﴿ قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون ﴾ هذه اللام مبتدأ مسوق لتسلية رسول الله صلى الله عليه و سلم عما ناله من الغم والحزن بتكذيب الكفار له ودخول قد للتكثير فإنها قد تأتي لإفادته كما تأتي رب والضمير في ﴿ إنه ﴾ للشأن وقرئ بفتح الياء من يحزنك وضمها وقرئ ﴿ يكذبونك ﴾ مشددا ومخففا واختار أبو عبيد قراءة التخفيف قال النحاس : وقد خولف أبو عبيد في هذا ومعنى ﴿ يكذبونك ﴾ على التشديد : ينسبونك إلى الكذب ويردون عليك ما قلته ومعنى المخفف : أنهم لا يجدونك كذابا يقال أكذبته : وجدته كذابا وأبخلته : وجدته بخيلا وحكى الكسائي عن العرب : أكذبت الرجل : أخبرت أنه جاء بالكذب وكذبته : أخبرت أنه كاذب وقال الزجاج : كذبته إذا قلت له كذبت وأكذبته : إذا أردت أن ما أتى به كذب والمعنى : أن تكذيبهم ليس يرجع إليك فإنهم يعترفون لك بالصدق ولكن تكذيبهم راجع إلى ما جئت به ولهذا قال :﴿ ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ﴾ ووضع الظاهر موضع المضمر لزيادة التوبيخ لهم والإزراء عليهم ووصفهم بالظلم لبيان أن هذا الذي وقع منهم ظلم بين