هذا تكرير للتوبيخ لقصد تأكيد الحجة عليهم ووحد السمع لأنه مصدر يدل على الجمع بخلاف البصر ولهذا جمعه والختم : الطبع وقد تقدم تحقيقه في البقرة والمراد : أخذ المعاني القائمة بهذه الجوارح أو أخذ الجوارح نفسها والاستفهام في ﴿ من إله غير الله يأتيكم به ﴾ للتوبيخ و من مبتدأ و إله خبره و غير الله صفة للخبر ووحد الضمير في به مع أن المرجع متعدد على معنى : فمن يأتيكم بذلك المأخوذ أو المذكور وقيل الضمير راجع إلى أحد هذه المذكورات وقيل إن الضمير بمنزلة اسم الإشارة : أي يأتيكم بذلك المذكور ثم أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالنظر في تصريف الآيات وعدم قبولها لها تعجيبا له من ذلك والتصريف المجيء بها على جهات مختلفة تارة إنذار وتارة إعذار وتارة ترغيب وتارة ترهيب وقوله : ٤٦ - ﴿ ثم هم يصدفون ﴾ عطف على نصرف ومعنى يصدفون : يعرضون يقال : صدف عن الشيء : إذا أعرض عنه صدفا وصدوفا
قوله : ٤٧ - ﴿ قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله ﴾ أي أخبروني عن ذلك وقد تقدم تفسير البغتة قريبا أنها الفجأة قال الكسائي : بغتهم يبغتهم بغتا وبغتة : إذا أتاهم فجأة : أي من دون تقديم مقدمات تدل على العذاب والجهرة أن يأتي العذاب بعد ظهور مقدمات تدل عليه وقيل البغتة : إتيان العذاب ليلا والجهرة : إتيان العذاب نهارا كما في قوله تعالى :﴿ بياتا أو نهارا ﴾ ﴿ هل يهلك إلا القوم الظالمون ﴾ الاستفهام للتقرير : أي ما يهلك هلاك تعذيب وسخط إلا القوم الظالمون وقرئ يهلك على البناء للفاعل قال الزجاج : معناه هل يهلك إلا أنتم ومن أشبهكم ؟ انتهى
قوله : ٤٨ - ﴿ وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ﴾ كلام مبتدأ لبيان الغرض من إرسال الرسل : أي مبشرين لمن أطاعهم بما أعد الله له من الجزاء العظيم ومنذرين لمن عصاهم بما له عند الله من العذاب الوبيل : وقيل مبشرين في الدنيا بسعة الرزق وفي الآخرة بالثواب ومنذرين مخوفين بالعقاب وهما حالان مقدرتان : أي ما نرسلهم إلا مقدرين تبشيرهم وإنذارهم ﴿ فمن آمن وأصلح ﴾ أي آمن بما جاءت به الرسل ﴿ وأصلح ﴾ حال نفسه بفعل ما يدعونه إليه ﴿ فلا خوف عليهم ﴾ بوجه من الوجوه ﴿ ولا هم يحزنون ﴾ بحال من الأحوال هذا حال من آمن وأصلح


الصفحة التالية
Icon