قوله : ٧١ - ﴿ قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ﴾ أمره الله سبحانه بأن يقول لهم هذه المقالة والاستفهام للتوبيخ : أي كيف ندعوا من دون الله أصناما لا تنفعنا بوجه من وجوه النفع إن أردنا منها نفعا ولا نخشى ضرها بوجه من الوجوه ومن كان هكذا فلا يستحق العبادة ﴿ ونرد على أعقابنا ﴾ عطف على ندعو والأعقاب جمع عقب : أي كيف ندعو من كان كذلك ونرجع إلى الضلالة التي أخرجنا الله منها قال أبو عبيدة : يقال لمن رد عن حاجته ولم يظفر بها قد رد على عقبيه وقال المبرد :
( تعقب بالشر بعد الخير )
وأصله من المعاقبة والعقبى وهما ما كان تاليا للشيء واجبا أن يتبعه ومنه ﴿ والعاقبة للمتقين ﴾ ومنه عقب الرجل ومنه العقوبة لأنها تالية للذنب قوله :﴿ كالذي استهوته الشياطين في الأرض ﴾ هوى يهوي إلى الشيء أسرع إليه وقال الزجاج : هو من هوي النفس أي زين له الشيطان هواه و ﴿ استهوته الشياطين ﴾ هوت به والكاف في ﴿ كالذي ﴾ إما نعت مصدر محذوف : أي نرد على أعقابنا ردا كالذي أو في محل نصب على الحال من فاعل نرد : أي نرد حال كوننا مشبهين للذي استهوته الشياطين : أي ذهبت به مردة الجن بعد أن كان بين الإنس قرأ الجمهور ﴿ استهوته ﴾ وقرأ حمزة ﴿ استهوته ﴾ على تذكير الجمع وقرأ ابن مسعود والحسن ﴿ استهوته الشياطين ﴾ وهو كذلك في قراءة أبي و ﴿ حيران ﴾ حال : أي حال كونه متحيرا تائها لا يدري كيف يصنع ؟ والحيران هو الذي لا يهتدي لجهة وقد حار حيرة وحيرورة : إذا تردد وبه سمي الماء المستنقع الذي لا منفذ له حائرا قوله :﴿ له أصحاب يدعونه إلى الهدى ﴾ صفة لحيران أو حالية : أي له رفقة يدعونه إلى الهدى يقولون له ائتنا فلا يجيبهم ولا يهتدي بهديهم قوله :﴿ قل إن هدى الله هو الهدى ﴾ أمره الله سبحانه بأن يقول لهم :﴿ إن هدى الله ﴾ أي دينه الذي ارتضاه لعباده ﴿ هو الهدى ﴾ وما عداه باطل ﴿ ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ﴾ ﴿ وأمرنا ﴾ معطوف على الجملة الإسمية : أي من جملة ما أمهر الله بأن يقوله واللام في ﴿ لنسلم ﴾ هي لام العلة والمعلل هو الأمر : أي أمرنا لأجل نسلم لرب العالمين وقال الفراء : المعنى أمرنا بأن نسلم لأن العرب تقول أمرتك لتذهب وبأن تذهب بمعنى وقال النحاس : سمعت ابن كيسان يقول : هي لام الخفض


الصفحة التالية
Icon