قوله : ٨٤ - ﴿ ووهبنا له ﴾ معطوف على جملة ﴿ وتلك حجتنا ﴾ عطف جملة فعلية على جملة إسمية وقيل معطوف على آتيناها والأول أولى والمعنى : ووهبنا له ذلك جزاء له على الاحتجاج في الدين وبذل النفس فيه و ﴿ كلا هدينا ﴾ انتصاب كلا على أنه مفعول لما بعده مقدم عليه للقصر : أي كل واحد منهما هديناه وكذلك نوحا منصوب بهدينا الثاني أو بفعل مضمر يفسره ما بعده ﴿ ومن ذريته ﴾ أي من ذرية إبراهيم وقال الفراء : من ذرية نوح واختاره ابن جرير الطبري والقشيري وابن عطية واختار الأول الزجاج واعترض عليه بأنه عد من هذه الذرية يونس ولوطا وما كانا من ذرية إبراهيم فإن لوطا هو ابن أخي إبراهيم وانتصب ﴿ داود وسليمان ﴾ بفعل مضمر أي وهدينا من ذريته داود وسليمان وكذلك ما بعدهما وإنما عد الله سبحانه هداية هؤلاء الأنبياء من النعم التي عددها على إبراهيم لأن شرف الأبناء متصل بالآباء ومعنى من قبل في قوله :﴿ ونوحا هدينا من قبل ﴾ أي من قبل إبراهيم والإشارة بقوله :﴿ وكذلك ﴾ إلى مصدر الفعل المتأخر : أي ومثل ذلك الجزاء ﴿ نجزي المحسنين ﴾
٨٥ - ﴿ وإلياس ﴾ قال الضحاك : هو من ولد إسماعيل وقال القتيبي : هو من سبق يوشع بن نون وقرأ الأعرج والحسن وقتادة ﴿ وإلياس ﴾ بوصل الهمزة
وقرأ أهل الحرمين وأبو عمرو وعاصم واليسع مخففا وقرأ الكوفيون إلا عاصما بلامين وكذا قرأ الكسائي ورد القراءة الأولى ولا وجه للرد فهو اسم أعجمي والعجمة لا تؤخذ بالقياس بل تؤدي على حسب السماع ولا يمتنع أن يكون في الاسم لغتان للعجم أو تغيره العرب تغييرين قال المهدوي : من قرأ بلام واحدة فالاسم يسع والألف واللام مزيدتان كما في قول الشاعر :

( رأيت الوليد بن اليزيد مباركا شديدا بأعباء الخلافة كاهله )
ومن قرأ بلامين فالاسم ليسع وقد توهم قوم أن اليسع هو إلياس وهو وهم فإن الله أفرد كل واحد منهما وقال وهب : اليسع صاحب إلياس وكانوا قبل يحيى وعيسى وزكريا وقيل إلياس هو إدريس وهذا غير صحيح لأن إدريس جد نوح وإلياس من ذريته وقيل إلياس هو الخضر وقيل لا بل اليسع هو الخضر ﴿ وكلا فضلنا على العالمين ﴾ أي كل واحد فضلناه بالنبوة على عالمي زمانه والجملة معترضة


الصفحة التالية
Icon