قوله : ٩٤ - ﴿ ولقد جئتمونا فرادى ﴾ قرأ أبو حيوة فرادى بالتنوين وهي لغة تميم وقرأ الباقون بألف التأنيث للجمع فلم ينصرف وحكى ثعلب فراد بلا تنوين مثل : ثلاث ورباع وفرادى جمع فرد كسكارى جمع سكران وكسالى جمع كسلان والمعنى : جئتمونا منفردين واحدا واحدا كل واحد منفرد عن أهله وماله وما كان يعبده من دون الله فلم ينتفع بشيء من ذلك ﴿ كما خلقناكم أول مرة ﴾ أي على الصفة التي كنتم عليها عند خروجكم من بطون أمهاتكم والكاف نعت مصدر محذوف : أي جئتمونا مجيئا مثل مجيئكم عند خلقنا لكم أو حال من ضمير فرادى : أي مشابهين ابتداء خلقنا لكم ﴿ وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم ﴾ أي أعطيناكم والخول ما أعطاه الله للإنسان من متاع الدنيا : أي تركتم ذلك خلفكم لم تأتونا بشيء منه ولا انتفعتم به بوجه من الوجوه ﴿ وما نرى معكم شفعاءكم الذين ﴾ عبدتموهم وقلتم :﴿ ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ﴾ و ﴿ زعمتم أنهم فيكم شركاء ﴾ لله يستحقون منكم العبادة كما يستحقها قوله :﴿ لقد تقطع بينكم ﴾ قرأ نافع والكسائي وحفص بنصب بينكم على الظرفية وفاعل تقطع محذوف : أي تقطع الوصل بينكم أنتم وشركاؤكم كما يدل عليه ﴿ وما نرى معكم شفعاءكم ﴾ وقرأ الباقون بالرفع على إسناد القطع إلى البين : أي وقع التقطع بينكم ويجوز أن يكون معنى قراءة النصب معنى قراءة الرفع في إسناد الفعل إلى الظرف وإنما نصب لكثرة استعماله ظرفا وقرأ ابن مسعود : لقد تقطع ما بينكم على إسناد الفعل إلى ما : أي الذي بينكم ﴿ وضل عنكم ما كنتم تزعمون ﴾ من الشركاء والشرك وحيل بينكم وبينهم
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ وما قدروا الله حق قدره ﴾ قال : هم الكفار لم يؤمنوا بقدرة الله فمن آمن أن الله على كل شيء قدير قد قدر الله حق قدره ومن لم يؤمن بذلك فلم يقدر الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قالت اليهود : يا محمد أنزل الله عليك كتابا ؟ قال : نعم قالوا : والله ما أنزل الله من السماء كتابا فأنزل الله ﴿ قل ﴾ يا محمد ﴿ من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ﴾ إلى آخر الآية وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ﴾ قالها مشركو قريش وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال : قال فنحاص اليهودي ما أنزل الله على محمد من شيء فنزلت وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : نزلت في مالك بن الصيف وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف فخاصم النبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم :[ أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين ؟ وكان حبرا سمينا فغضب وقال : والله ما أنزل الله على بشر من شيء فقال له أصحابه : ويحك ولا على موسى ؟ قال : ما أنزل الله على بشر من شيء فنزلت ] وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله :﴿ تجعلونه قراطيس ﴾ قال : اليهود وقوله :﴿ وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم ﴾ قال : هذه للمسلمين وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ وعلمتم ما لم تعلموا ﴾ قال : هم اليهود آتاهم الله علما فلم يقتدوا به ولم يأخذوا به ولم يعملوا به فذمهم الله في علمهم ذلك وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ وهذا كتاب أنزلناه مبارك ﴾ قال : هو القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه و سلم وأخرج عبد بن حميد عنه قال :﴿ مصدق الذي بين يديه ﴾ أي من الكتب التي قد خلت قبله وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله :﴿ ولتنذر أم القرى ﴾ قال : مكة ومن حولها قال : يعني ما حولها من القرى إلى المشرق والمغرب وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : إنما سميت أم القرى لأن أول بيت وضع بها وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ ولتنذر أم القرى ﴾ قال : هي مكة قال : وبلغني أن الأرض دحيت من مكة وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار نحوه وأخرج الحاكم في المستدرك عن شرحبيل بن سعد قال : نزلت في عبد الله بن أبي سرح ﴿ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ﴾ الآية فلما دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة فر إلى عثمان أخيه من الرضاعة فغيبه عنده حتى اطمأن أهل مكة ثم استأمن له وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي خلف الأعمى : أنها نزلت في عبد الله بن أبي سرح وكذلك روى ابن أبي حاتم عن السدي وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ﴾ قال : نزلت في مسيلمة الكذاب ونحوه ممن دعا إلى مثل ما دعا إليه ﴿ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ﴾ قال : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة نحوه وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة لما نزلت ﴿ والمرسلات عرفا * فالعاصفات عصفا ﴾ قال : النضر وهو من بني عبد الدار : والطاحنات طحنا والعاجنات عجنا قولا كثيرا فأنزل الله ﴿ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ﴾ الآية وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله :﴿ غمرات الموت ﴾ قال : سكرات الموت وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال في قوله :﴿ والملائكة باسطوا أيديهم ﴾ هذا عند الموت والبسط : الضرب ﴿ يضربون وجوههم وأدبارهم ﴾ وأخرج أبو الشيخ عنه قال : في الآية هذا ملك الموت عليه السلام وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله :﴿ والملائكة باسطوا أيديهم ﴾ قال : بالعذاب وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ عذاب الهون ﴾ قال : الهوان وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال : قال النضر بن الحارث : سوف تشفع لي اللات والعزى فنزلت :﴿ ولقد جئتمونا فرادى ﴾ الآية وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ ولقد جئتمونا فرادى ﴾ الآية قال : كيوم ولد يرد عليه كل شيء نقص منه يوم ولد وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله :﴿ وتركتم ما خولناكم ﴾ قال : من المال والخدم ﴿ وراء ظهوركم ﴾ قال : في الدنيا وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله :﴿ لقد تقطع بينكم ﴾ قال : ما كان بينهم من الوصل وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله :﴿ لقد تقطع بينكم ﴾ قال : تواصلكم في الدنيا


الصفحة التالية
Icon