قوله : ٢١ - ﴿ وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ﴾ أي حلف لهما فقال : أقسم قساما أي حلف ومنه قول الشاعر :
( وقاسمهما بالله جهدا لأنتما | ألذ من السلوى ما إذا نشورها ) |
قوله : ٢٢ - ﴿ فدلاهما بغرور ﴾ التدلية والإدلاء : إرسال الشيء من أعلى إلى أسفل يقال أدلى دلوه : أرسلها والمعنى : أنه أهبطهما بذلك من الرتبة العليا إلى الأكل من الشجرة وقيل معناه : أوقعهما في الهلاك وقيل : خدعهما وأنشد نفطويه :
( إن الكريم إذا تشاء خدعته | وترى اللئيم مجربا لا يخدع ) |
قوله : ٢٣ - ﴿ قالا ربنا ظلمنا أنفسنا ﴾ جملة استئنافية مبنية على تقدير سؤال كأنه قيل فماذا قالا ؟ وهذا منهما اعتراف بالذنب وأنهما ظلما أنفسهما مما وقع منهما من المخالفة ثم قالا :﴿ وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ﴾
وجملة ٢٤ - ﴿ قال اهبطوا ﴾ استئناف كالتي قبلها والخطاب لآدم وحواء وذريتهما أو لهما ولإبليس وجملة ﴿ بعضكم لبعض عدو ﴾ في محل نصب على الحال ﴿ ولكم في الأرض مستقر ﴾ أي موضع استقرار ﴿ و ﴾ لكم ﴿ متاع ﴾ تتمتعون به في الدنيا وتنتفعون به من المطعم والمشرب ونحوهما ﴿ إلى حين ﴾ أي إلى وقت وهو وقت موتكم
وجملة ٢٥ - ﴿ قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون ﴾ استئنافية كالتي قبلها : أي في الأرض تحيون وفيها يأتيكم الموت ومنها تخرجون إلى دار الآخرة ومثله قوله تعالى :﴿ منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ﴾ واعلم أنه قد سبق شرح هذه القصة مستوفى في البقرة فارجع إليه
وقد أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن وهب بن منبه في قوله :﴿ ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما ﴾ قال : كان على كل واحد منهما نور لا يبصر كل واحد منهما سوءة صاحبه فلما أصابا الخطيئة نزع عنهما وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أتاهما إبليس فقال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين مثله يعني مثل الله عز و جل فلم يصدقاه حتى دخل في جوف الحية فكلمهما وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في الآية ﴿ إلا أن تكونا ملكين ﴾ فإن أخطأكما أن تكونا ملكين لم يخطئكما أن تكونا خالدين فلا تموتان فيها أبدا ﴿ وقاسمهما ﴾ قال : حلف لهما ﴿ إني لكما لمن الناصحين ﴾ وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب في قوله :﴿ فدلاهما بغرور ﴾ قال : مناهما بغرور وأخرج ابن المنذر وابن أبي شيبة عن عكرمة قال : لباس كل دابة منها ولباس الإنسان الظفر فأدركت آدم التوبة عند ظفره وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر عن ابن عباس قال : كان لباس آدم وحواء كالظفر فلما أكلا من الشجرة لم يبق عليهما إلا مثل الظفر ﴿ وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ﴾ قال : ينزعان ورق التين فيجعلانه على سوآتهما وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال : لما أسكن الله آدم الجنة كساه سربالا من الظفر فلما أصاب الخطيئة سلبه السربال فبقي في أطراف أصابعه وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه نحوه من طريق أخرى وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال : كان لباس آدم في الجنة الياقوت فلما عصى قلص فصار الظفر وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله :﴿ وطفقا يخصفان ﴾ قال : يرقعان كهيئة الثوب وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ﴿ وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ﴾ قال آدم : رب إنه حلف لي بك ولم أكن أعلم أن أحدا من خلقك يحلف بك إلا صادقا وأخرج عبد بن حميد عن الحسن :﴿ قالا ربنا ظلمنا أنفسنا ﴾ الآية قال : هي الكلمات التي تلقى آدم من ربه وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله