٧٥ - ﴿ قال الملأ الذين استكبروا من قومه ﴾ : أي قال الرؤساء المستكبرون من قوم صالح للمستضعفين الذين استضعفهم المستكبرون و ﴿ لمن آمن منهم ﴾ بدل من الذين استضعفوا بإعادة حرف الجر بدل البعض من الكل لأن من المستضعفين من ليس بمؤمن هذا على عود ضمير منهم إلى الذين استضعفوا فإن عاد إلى قومه كان بدل كل من المستضعفين ومقول القول :﴿ أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه ﴾ قالوا هذا عن طريق الاستهزاء والسخرية قوله :﴿ قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون ﴾ أجابوهم بأنهم مؤمنون برسالته مع كون سؤال المستكبرين لهم إنما هو عن العلم منهم هل تعلمون برسالته أم لا مسارعة إلى إظهار ما لهم من الإيمان وتنبيها على أن كونه مرسلا أمر واضح مكشوف لا يحتاج إلى السؤال عنه
فأجابوا تمردا وعنادا بقولهم : ٧٦ - ﴿ إنا بالذي آمنتم به كافرون ﴾ وهذه الجمل المعنوية يقال : مستأنفة لأنها جوابات عن سؤالات مقدرة كما سبق بيانه
قوله : ٧٧ - ﴿ فعقروا الناقة ﴾ العقر : الجرح وقيل : قطع عضو يؤثر في تلف النفس يقال عقرت الفرس : إذا ضربت قوائمه بالسيف وقيل أصل العقر : كسر عرقوب البعير ثم قيل للنحر عقر لأن العقر سبب النحر في الغالب وأسند العقر إلى الجميع مع كون العاقر واحدا منهم لأنهم راضون بذلك موافقون عليه وقد اختلف في عاقر الناقة ما كان اسمه فقيل : قدار بن سالف وقيل غير ذلك ﴿ وعتوا عن أمر ربهم ﴾ أي استكبروا يقال عتا يعتو عتوا : استكبر وتعتى فلان : إذا لم يطع والليل العاتي : الشديد الظلمة ﴿ وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا ﴾ من العذاب ﴿ إن كنت من المرسلين ﴾ هذا استعجال منهم للنقمة وطلب منهم لنزول العذاب وحلول البلية بهم
٧٨ - ﴿ فأخذتهم الرجفة ﴾ أي الزلزلة يقال : رجف الشيء يرجف رجفانا وأصله حركة مع صوت ومنه ﴿ يوم ترجف الراجفة ﴾ وقيل : كانت صيحة شديدة خلعت قلوبهم ﴿ فأصبحوا في دارهم ﴾ أي بلدهم ﴿ جاثمين ﴾ لاصقين بالأرض على ركبهم ووجوههم كما يجثم الطائر وأصل الجثوم للأرنب وشبهها وقيل : للناس والطير والمراد أنهم أصبحوا في دورهم ميتين لا حراك بهم