الألف واللام في الكتاب للجنس والخطاب لليهود والنصارى ١٥ - ﴿ قد جاءكم رسولنا ﴾ أي محمد صلى الله عليه و سلم حال كونه :﴿ يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ﴾ المنزل عليكم وهو التوراة والإنجيل : كآية الرجم وقصة أصحاب السبت الممسوخين قردة ﴿ ويعفو عن كثير ﴾ مما تخفونه فيترك بيانه لعدم اشتماله على ما يجب بيانه عليه من الأحكام الشرعية فإن ما لم يكن كذلك لا فائدة تتعلق ببيانه إلا مجرد افتضاحكم وقيل المعنى : إنه يعفو عن كثير فيتجاوزه ولا يخبركم به وقيل : يعفو عن كثير منكم فلا يؤاخذكم بما يصدر منهم والجملة في محل نصب عطفا على الجملة الحالية : أعني قوله :﴿ يبين لكم ﴾ قوله :﴿ قد جاءكم من الله نور ﴾ جملة مستأنفة مشتملة على بيان أن محمدا صلى الله عليه و سلم قد تضمنت بعثته فوائد غير ما تقدم من مجرد البيان قال الزجاج : النور محمد صلى الله عليه و سلم وقيل الإسلام والكتاب المبين : القرآن فإنه المبين
٣٥ - ﴿ ابتغوا ﴾ اطلبوا ﴿ إليه ﴾ لا إلى غيره و ﴿ الوسيلة ﴾ فعيلة من توسلت إليه : إذا تقربت إليه قال عنترة :
( إن الرجال لهم إليك وسيلة | إن يأخذوك تكحلي وتخضبي ) |
وقال آخر :( إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا | وعاد التصابي بيننا والوسائل ) |
فالوسيلة : القربة التي ينبغي أن تطلب وبه قال أبو وائل والحسن ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد وروي عن ابن عباس وعطاء وعبد الله بن كثير قال ابن كثير في تفسيره : وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه والوسيلة أيضا درجة في الجنة مختصة برسول الله صلى الله عليه و سلم وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة ] وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول :[ إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة ] وفي الباب أحاديث وعطف
﴿ وابتغوا إليه الوسيلة ﴾ على
﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ﴾ يفيد أن الوسيلة غير التقوى وقيل هي التقوى لأنها ملاك الأمر وكل الخير فتكون الجملة الثانية على هذا مفسرة للجملة الأولى والظاهر أن الوسيلة التي هي القربة تصدق على التقوى وعلى غيرها من خصال الخير التي يتقرب العباد بها إلى ربهم
﴿ وجاهدوا في سبيله ﴾ من لم يقبل دينه
﴿ لعلكم تفلحون ﴾