جعل سبحانه التقوى شرطا في الجعل المذكور مع سبق علمه بأنهم يتقون أو لا يتقون جريا على ما يخاطب به الناس بعضهم بعضا والتقوى : اتقاء مخالفة أوامره والوقوع في مناهيه والفرقان ما يفرق به بين الحق والباطل والمعنى : أنه يجعل لهم من ثبات القلوب وثقوب البصائر : وحسن الهداية ما يفرقون به بينهما عند الالتباس وقيل : الفرقان المخرج من الشبهات والنجاة من كل ما يخافونه ومنه قول الشاعر :

( ما لك من طول الأسى فرقان بعد قطين رحلوا وبانوا )
ومنه قول الآخر :
( وكيف أرجى الخلد والموت طالبي وما لي من كأس المنية فرقان )
وقال الفراء : المراد بالفرقان الفتح والنصر قال ابن إسحاق : الفرقان الفصل بين الحق والباطل وبمثله قال ابن زيد وقال السدي : الفرقان النجاة ويؤيد تفسير الفرقان بالمخرج والنجاة قوله تعالى :﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ﴾ وبه قال مجاهد ومالك بن أنس ٢٩ - ﴿ ويكفر عنكم سيئاتكم ﴾ أي يسترها حتى تكون غير ظاهرة ﴿ ويغفر لكم ﴾ ما اقترفتم من الذنوب وقد قيل إن المراد بالسيئات الصغائر وبالذنوب التي تغفر الكبائر وقيل : المعنى أنه يغفر لهم ما تقدم من الذنوب وما تأخر ﴿ والله ذو الفضل العظيم ﴾ فهو المتفضل على عباده بتكفير السيئات ومغفرة الذنوب
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ يجعل لكم فرقانا ﴾ قال : هو المخرج وأخرج ابن جرير عنه قال : هو النجاة وأخرج ابن جرير عن عكرمة مثله وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : هو النضر


الصفحة التالية
Icon