قوله : ٥٠ - ﴿ ولو ترى ﴾ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه و سلم أو لكل من يصلح له كما تقدم تحقيقه في غير موضع والمعنى : ولو رأيت لأن لو تقلب المضارع ماضيا و ﴿ إذ ﴾ ظرف لترى والمفعول محذوف : أي ولو ترى الكافرين وقت توفي الملائكة لهم قيل : أراد بالذين كفروا من لم يقتل يوم بدر وقيل : هي فيمن قتل ببدر وجواب لو محذوف تقديره لرأيت أمرا عظيما وجملة ﴿ يضربون وجوههم ﴾ في محل نصب على الحال والمراد بأدبارهم أستاههم كنى عنها بالأدبار وقيل : ظهورهم قيل : هذا الضرب يكون عند الموت كما يفيده ذكر التوفي وقيل : هو يوم القيامة حين يسيرون بهم إلى النار قوله :﴿ وذوقوا عذاب الحريق ﴾ قاله الفراء المعنى : ويقولون ذوقوا عذاب الحريق والجملة معطوفة على يضربون وقيل : إنه يقول لهم هذه المقالة خزنة جهنم والذوق قد يكون محسوسا وقد يوضع موضع الابتلاء والاختبار وأصله من الذوق بالفم
والإشارة بقوله : ٥١ - ﴿ ذلك ﴾ إلى ما تقدم من الضرب والعذاب والباء في ﴿ بما قدمت أيديكم ﴾ سببية : أي ذلك واقع بسبب ما كسبتم من المعاصي واقترفتم من الذنوب وجملة ﴿ وأن الله ليس بظلام للعبيد ﴾ في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي والأمر أنه لا يظلمهم ويجوز أن تكون معطوفة على الجملة الواقعة خبرا لقوله :﴿ ذلك ﴾ وهي ﴿ بما قدمت أيديكم ﴾ أي ذلك العذاب بسبب المعاصي وبسبب ﴿ أن الله ليس بظلام للعبيد ﴾ لأنه سبحانه قد أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه وأوضح لهم السبيل وهداهم النجدين كما قال سبحانه :﴿ وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾
قوله : ٥٢ - ﴿ كدأب آل فرعون ﴾ لما ذكر الله سبحانه ما أنزله بأهل بدر أتبعه بما يدل على أن هذه سنته في فرق الكافرين والدأب : العادة والكاف في محل الرفع على الخبرية لمبتدأ محذوف : أي دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون ﴿ والذين من قبلهم ﴾ والمعنى : أنه جوزي هؤلاء كما جوزي أولئك فكانت العادة في عذاب هؤلاء كالعادة الماضية لله في تعذيب طوائف الكفر وجملة قوله :﴿ كفروا بآيات الله ﴾ مفسرة لدأب آل فرعون : أي دأبهم هذا هو أنهم كفروا بآيات الله فتسبب عن كفرهم أخذ الله سبحانه لهم والمراد بذنوبهم : معاصيهم المترتبة على كفرهم فيكون الباء في ﴿ بذنوبهم ﴾ للملابسة أي فأخذهم متلبسين بذنوبهم غير تائبين عنها وجملة ﴿ إن الله قوي شديد العقاب ﴾ معترضة مقررة لمضمون ما قبلها