وذكر الأبد بعد الخلود تأكيد له وجملة ٢٢ - ﴿ إن الله عنده أجر عظيم ﴾ مؤكدة لما قبلها مع تضمنها للتعليل : أي أعطاهم الله سبحانه هذه الأجور العظيمة لكون الأجر الذي عنده عظيم يهب منه ما يشاء لمن يشاء وهو ذو الفضل العظيم
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله :﴿ ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ﴾ وقال :﴿ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ﴾ فنفى المشركين من المسجد ﴿ من آمن بالله ﴾ يقول : من وحد الله وآمن بما أنزل الله :﴿ وأقام الصلاة ﴾ يعني الصلوات الخمس ﴿ ولم يخش إلا الله ﴾ يقول : لم يعبد إلا الله ﴿ فعسى أولئك ﴾ يقول : أولئك هم المهتدون كقوله لنبيه صلى الله عليه و سلم :﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ﴾ يقول : إن ربك سيبعثك مقاما محمودا وهي الشفاعة وكل عسى في القرآن فهي واجبة وأخرج أحمد وعبد بن حميد والدارمي والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن المنذر والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ] قال الله تعالى :﴿ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ﴾ وقد وردت أحاديث كثيرة في استحباب ملازمة المساجد وعمارتها والتردد إليها للطاعات وأخرج مسلم وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن النعمان بن بشير قال :[ كنت عند
منبر رسول الله صلى الله عليه و سلم في نفر من أصحابه فقال رجل منهم : ما أبالي أن لا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج وقال آخر : بل عمارة المسجد الحرام وقال آخر : بل جهاد في سبيل الله خير مما قلتم فزجرهم عمر وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه و سلم وذلك يوم الجمعة ولكن إذا صليت الجمعة دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستفتيه فيما اختلفتم فيه فأنزل الله :﴿ أجعلتم سقاية الحاج ﴾ إلى قوله :﴿ لا يهدي القوم الظالمين ﴾ ] وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ أجعلتم سقاية الحاج ﴾ الآية وذلك أن المشركين قالوا عمارة بيت الله وقيام على السقاية خير ممن آمن وجاهد فكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعماره فذكر الله سبحانه استكبارهم وإعراضهم فقال لأهل الحرم من المشركين :﴿ قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون * مستكبرين به سامرا تهجرون ﴾ يعني أنهم كانوا يستكبرون بالحرم وقال به سامرا : كانوا به يسمرون ويهجرون بالقرآن والنبي صلى الله عليه و سلم فخير الإيمان بالله والجهاد مع نبي الله على عمران المشركين البيت وقيامهم على السقاية ولم يكن لينفعهم عند الله مع الشرك به وإن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه قال الله :﴿ لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين ﴾ يعني الذين زعموا أنهم أهل العمارة فسماهم ظالمين بشركهم فلم تغن عنهم العمارة شيئا وفي إسناده العوفي وهو ضعيف وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال العباس حين أسر يوم بدر : إن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفك العاني فأنزل الله :﴿ أجعلتم سقاية الحاج ﴾ الآية : يعني أن ذلك كان في الشرك فلا أقبل ما كان في الشرك وأخرج ابن مردويه عنه أيضا في الآية قال : نزلت في علي بن أبي طالب والعباس وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي قال : تفاخر علي والعباس وشيبة في السقاية والحجابة فأنزل الله :﴿ أجعلتم سقاية الحاج ﴾ الآية وقد روي معنى هذا من طرق