ثم ذكر سبحانه المنافع الحاصلة من اختلاف الليل والنهار وما خلق في السموات والأرض من تلك المخلوقات فقال : ٦ - ﴿ إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض لآيات لقوم يتقون ﴾ أي الذين يتقون الله سبحانه ويجتنبون معاصيه وخصهم بهذه الآيات لأنهم الذين يمعنون النظر والتفكر في مخلوقات الله سبحانه حذرا منهم عن الوقوع في شيء مما يخالف مراد الله سبحانه ونظرا لعاقبة أمرهم وما يصلحهم في معادهم قال القفال : من تدبر في هذه الأحوال علم أن الدنيا مخلوقة لبقاء الناس فيها وأن خالقها وخالقهم ما أهملهم بل جعلها لهم دار عمل وإذا كان كذلك فلا بد من أمر ونهي
وقد أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله تعالى :﴿ جعل الشمس ضياء والقمر نورا ﴾ قال : لم يجعل الشمس كهيئة القمر لكي يعرف الليل من النهار وهو قوله :﴿ فمحونا آية الليل ﴾ الآية وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : وجوههما إلى السموات وأقفيتهما إلى الأرض وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو مثله وأخرج أبو الشيخ عن خليفة العبدي قال : لو أن الله تبارك وتعالى لم يعبد إلا عن رؤية ما عبده أحد ولكن المؤمنون تفكروا في مجيء هذا الليل إذا جاء فملأ كل شيء وغطى كل شيء وفي مجيء سلطان النهار إذا جاء فمحا سلطان الليل وفي السحاب المسخر بين السماء والأرض وفي النجوم وفي الشتاء والصيف فوالله ما زال المؤمنون يتفكرون فيما خلق ربهم تبارك وتعالى حتى أيقنت قلوبهم بربهم