قوله : ٢٥ - ﴿ والله يدعو إلى دار السلام ﴾ لما نفر عباده عن الميل إلى الدنيا بما ضربه لهم من المثل السابق رغبهم في الدار الآخرة بإخبارهم بهذه الدعوة منه عز و جل إلى دار السلام قال الحسن وقتادة : السلام هو الله تعالى وداره الجنة وقال الزجاج : المعنى والله يدعو إلى دار السلامة ومعنى السلام والسلامة واحد كالرضاع والرضاعة ومنه قول الشاعر :
( تحيي بالسلامة أم بكر | وهل لك بعد قومك من سلام ) |
ثم قسم سبحانه أهل الدعوة إلى قسمين وبين حال كل طائفة فقال : ٢٦ - ﴿ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ﴾ أي الذين أحسنوا بالقيام بما أوجبه الله عليهم من الأعمال والكف عما نهاهم عنه من المعاصي والمراد بالحسنى المثوبة الحسنى قال ابن الأنباري : العرب توقع هذه اللفظة على الخصلة المحبوبة المرغوب فيها ولذلك ترك موصوفها وقيل : المراد بالحسنى الجنة وأما الزيادة فقيل المراد بها ما يزيد على المثوبة من التفضل كقوله :﴿ ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ﴾ وقيل : الزيادة النظر إلى وجهه الكريم وقيل : الزيادة هي مضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها وقيل : الزيادة غرفة من لؤلؤ وقيل : الزيادة مغفرة من الله ورضوان وقيل : هي أنه سبحانه يعطيهم في الدنيا من فضله ما لا يحاسبهم عليه وقيل غير ذلك مما لا فائدة في ذكره وسيأتي بيان ما هو الحق في آخر البحث ﴿ ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ﴾ معنى يرهق يلحق ومنه قيل : غلام مراهق إذا لحق بالرجال وقيل : يعلو وقيل : يغشى والمعنى متقارب والقتر : الغبار ومنه قول الفرزدق :
( متوج برداء الملك يتبعه | موج ترى فوقه الرايات والقترا ) |