قوله : ٣٨ - ﴿ أم يقولون افتراه ﴾ الاستفهام للإنكار عليهم مع تقرير ثبوت الحجة وأم هي المنقطعة التي بمعنى بل والهمزة : أي بل أيقولون أفتراه واختلقه وقال أبو عبيدة : أم بمعنى الواو : أي ويقولون افتراه وقيل الميم زائدة والتقدير : أيقولون افتراه والاستفهام للتقريع والتوبيخ ثم أمره الله سبحانه أن يتحداهم حتى يظهر عجزهم ويتبين ضعفهم فقال :﴿ قل فاتوا بسورة مثله ﴾ أي إن كان الأمر كما تزعمون من أن محمدا افتراه فأتوا أنتم على جهة الافتراء بسورة مثله في البلاغة وجودة الصناعة فأنتم مثله في معرفة لغة العرب وفصاحة الألسن وبلاغة الكلام ﴿ وادعوا ﴾ بمظاهريكم ومعاونيكم ﴿ من استطعتم ﴾ دعاءه والاستعانة به من قبائل العرب ومن آلهتكم التي تجعلونهم شركاء لله وقوله :﴿ من دون الله ﴾ متعلق بادعوا : أي ادعوا من سوى الله من خلقه ﴿ إن كنتم صادقين ﴾ في دعواكم أن هذا القرآن مفترى
وسبحان الله العظيم ما أقوى هذه الحجة وأوضحها وأظهرها للعقول فإنهم لما نسبوا الافتراء إلى واحد منهم في البشرية والعربية قال لهم : هذا الذي نسبتموه إلي وأنا واحد منكم ليس عليكم إلا أن تأتوا وأنتم الجمع الجم بسورة مماثلة لسورة من سوره واستعينوا بمن شئتم من أهل هذه اللسان العربية على كثرتهم وتباين مساكنهم أو من غيرهم من بني آدم أو من الجن أو من الأصنام فإن فعلتم هذا بعد اللتيا والتي فأنتم صادقون فيما نسبتموه إلي وألصقتموه بي فلم يأتوا عند سماع هذا الكلام المنصف والتنزل البالغ بكلمة ولا نطقوا ببنت شفة بل كاعوا عن الجواب وتشبثوا بأذيال العناد البارد والمكابرة المجردة عن الحجة وذلك مما لا يعجز عنه مبطل