قوله : ٣٥ - ﴿ أم يقولون افتراه ﴾ أنكر سبحانه عليهم قولهم : إن ما أوحي إلى نوح مفترى فقال :﴿ أم يقولون افتراه ﴾ ثم أمره أن يجيب بكلام متصف فقال :﴿ قل إن افتريته فعلي إجرامي ﴾ بكسر الهمزة على قراءة الجمهور مصدر أجرم : أي فعل ما يوجب الإثم وجرم وأجرم بمعنى قاله النحاس والمعنى : فعلي إثمي أو جزاء كسبي ومن قرأ بفتح الهمزة قال : هو جمع ذكره النحاس ﴿ وأنا بريء مما تجرمون ﴾ أي من إجرامكم بسبب ما تنسبونه إلي من الافتراء قيل : وفي الكلام حذف والتقدير : لكن ما افتريته فالإجرام وعقابه ليس إلا عليكم وأنا بريء منه
وقد اختلف المفسرون في هذه الآية فقيل : إنها حكاية عن نوح وما قاله لقومه وقيل : هي حكاية عن المحاورة الواقعة بين نبينا محمد صلى الله عليه و سلم وكفار مكة والأول أولى لأن الكلام قبلها وبعدها مع نوح عليه السلام
قوله : ٣٦ - ﴿ وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ﴾ أنه لن يؤمن في محل رفع على أنه نائب الفاعل الذي لم يسم ويجوز أن يكون في موضع نصب بتقدير الباء : أي بأنه وفي الكلام تأييس له من إيمانهم وأنهم مستمرون على كفرهم مصممون عليه لا يؤمن أحد منهم إلا من قد سبق إيمانه ﴿ فلا تبتئس بما كانوا يفعلون ﴾ البؤس : الحزن أي فلا تحزن والبائس : المستكين فنهاه الله سبحانه عن أن يحزن حزن مستكين لأن الابتئاس حزن في استكانة ومنه قول الشاعر :
( وكم من خليل أو حميم رزئته | فلم أبتئس والرزء فيه جليل ) |