٦٣ - ﴿ قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ﴾ أي حجة ظاهرة وبرهان صحيح ﴿ وآتاني منه ﴾ أي من جهته ﴿ رحمة ﴾ أي نبوة وهذه الأمور وإن كانت متحققة الوقوع لكنها صدرت بكلمة الشك اعتبارا بحال المخاطبين لأنهم في شك من ذلك كما وصفوه عن أنفسهم ﴿ فمن ينصرني من الله ﴾ استفهام معناه النفي : أي لا ناصر لي يمنعني من عذاب الله ﴿ إن عصيته ﴾ في تبليغ الرسالة وراقبتكم وفترت عما يجب علي من البلاغ ﴿ فما تزيدونني ﴾ بتثبيطكم إياي ﴿ غير تخسير ﴾ بأن تجعلوني خاسرا بإبطال عملي والتعرض لعقوبة الله لي قال الفراء : أي تضليل وإبعاد من الخير وقيل المعنى : فما تزيدونني باحتجاجكم بدين آبائكم غير بصيرة بخسارتكم
قوله : ٦٤ - ﴿ ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية ﴾ قد مر تفسير هذه الآية في الأعراف ومعنى لكم آية : معجزة ظاهرة وهي منتصبة على الحال ولكن في محل نصب على الحال من آية مقدمة عليها ولو تأخرت لكانت صفة لها وقيل : إن ناقة الله بدل من هذه والخبر لكم والأول أولى وإنما قال : ناقة الله لأنه أخرجها لهم من جبل على حسب اقتراحهم وقيل : من صخرة صماء ﴿ فذروها تأكل في أرض الله ﴾ أي دعوها تأكل في أرض الله مما فيها من المراعي التي تأكلها الحيوانات قال أبو إسحاق الزجاج : ويجوز رفع تأكل على الحال والاستئناف ولعله يعني في الأصل على ما تقتضيه لغة العرب لا في الآية فالمعتمد القراءات المروية على وجه الصحة ﴿ ولا تمسوها بسوء ﴾ قال الفراء : بعقر والظاهر أن النهي عما هو أعم من ذلك ﴿ فيأخذكم عذاب قريب ﴾ جواب النهي : أي قريب من عقرها وذلك ثلاثة أيام
٦٥ - ﴿ فعقروها ﴾ أي فلم يمتثلوا الأمر من صالح ولا النهي بل خالفوا كل ذلك فوقع منهم العقر لها ﴿ فقال ﴾ لهم صالح ﴿ تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ﴾ أي تمتعوا بالعيش في منازلكم ثلاثة أيام فإن العقاب نازل عليكم بعدها قيل : إنهم عقروها يوم الأربعاء فأقاموا الخميس والجمعة والسبت وأتاهم العذاب يوم الأحد والإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى ما يدل عليه الأمر بالتمتع ثلاثة أيام ﴿ وعد غير مكذوب ﴾ أي غير مكذوب فيه فحذف الجار اتباعا أو من باب المجاز كأن الوعد إذا وفى به صدق ولم يكذب ويجوز أن يكون مصدرا : أي وعد غير كذب
٦٦ - ﴿ فلما جاء أمرنا ﴾ أي عذابنا أو أمرنا بوقوع العذاب ﴿ نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ﴾ قد تقدم تفسير هذا في قصة هود ﴿ ومن خزي يومئذ ﴾ أي ونجيناهم من خزي يومئذ وهو هلاكهم بالصيحة والخزي : الذل والمهانة وقيل من عذاب يوم القيامة والأول أولى وقرأ نافع والكسائي بفتح يوم على أنه اكتسب البناء من المضاف إليه وقرأ الباقون بالكسر ﴿ إن ربك هو القوي العزيز ﴾ القادر الغالب الذي لا يعجزه شيء


الصفحة التالية
Icon