هذه قصة لوط عليه السلام وقومه وهو ابن عم إبراهيم عليه السلام وكانت قرى لوط بنواحي الشام وإبراهيم ببلاد فلسطين فلما أنزل الله الملائكة بعذاب قوم لوط مروا بإبراهيم ونزلوا عنده وكان كل من نزل عنده يحسن قراه وكان مرورهم عليه لتبشيره بهذه البشارة المذكورة فظنهم أضيافا وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وقيل كانوا تسعة وقيل أحد عشر والبشرى التي بشروه بها هي بشارته بالولد وقيل بإهلاك قوم لوط والأولى أولى ٦٩ - ﴿ قالوا سلاما ﴾ منصوب بفعل مقدر : أي سلمنا عليك سلاما ﴿ قال سلام ﴾ ارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي أمركم سلام أو مرتفع على أنه مبتدأ والخبر محذوف والتقدير : عليكم سلام ﴿ فما لبث ﴾ أي إبراهيم ﴿ أن جاء بعجل حنيذ ﴾ قال أكثر النحويين ﴿ أن ﴾ هنا بمعنى حتى : أي فما لبث حتى جاء وقيل : إنها في محل نصب بسقوط حرف الجر والتقدير فما لبث عن أن جاء : أي ما أبطأ إبراهيم عن مجيئه بعجل وما نافية قاله سيبويه وقال الفراء : فما لبث مجيئه : أي ما أبطأ مجيئه وقيل : إن ما موصولة وهي مبتدأ والخبر أن جاء بعجل حنيذ والتقدير : فالذي لبث إبراهيم هو مجيئه بعجل حنيذ والحنيذ : المشوي مطلقا وقيل : المشوي بحر الحجارة من غير أن تمسه النار يقال : حنذ الشاة يحنذها : جعلها فوق حجارة محماة لتنضجها فهي حنيذ وقيل معنى حنيذ : سمين وقيل الحنيذ هو السميط وقيل النضيج وهو فعيل بمعنى مفعول وإنما جاءهم بعجل لأن البقر كانت أكثر أمواله
٧٠ - ﴿ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه ﴾ أي لا يمدونها إلى العجل كما يمد يده من يريد الأكل ﴿ نكرهم ﴾ يقال : نكرته وأنكرته واستنكرته : إذا وجدته على غير ما تعهد ومنه قول الشاعر :

( فأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعا )
فجمع بين اللغتين ومما جمع فيه بين اللغتين قول الشاعر :
( إذا أنكرتني بلدة أو نكرتها خرجت مع البازي علي سواد )
وقيل يقال : أنكرت لما تراه بعينك ونكرت لما تراه بقلبك قيل : وإنما استنكر منهم ذلك لأن عادتهم أن الضيف إذا نزل بهم ولم يأكل من طعامهم ظنوا أنه قد جاء بشر ﴿ وأوجس منهم ﴾ أي أحس في نفسه منهم ﴿ خيفة ﴾ أي خوفا وفزعا وقيل معنى أوجس : أضمر في نفسه خيفة والأول ألصق بالمعنى اللغوي ومنه قول الشاعر :
( جاء البريد بقرطاس يحث به فأوجس القلب من قرطاسه فزعا )
وكأنه ظن أنهم قد نزلوا به لأمر ينكره أو لتعذيب قومه ﴿ قالوا لا تخف ﴾ قالوا له هذه المقالة مع كونه لم يتكلم بما يدل على الخوف بل أوجس ذلك في نفسه فلعلهم استدلوا على خوفه بأمارات كظهور أثره على وجهه أو قالوه له بعد ما قال عقب ما أوجس في نفسه من الخيفة قولا يدل على الخوف كما في قوله في سورة الحجر :﴿ قال إنا منكم وجلون ﴾ ولم يذكر ذلك هاهنا اكتفاء بما هنالك ثم عللوا نهيه عن الخوف بقولهم :﴿ إنا أرسلنا إلى قوم لوط ﴾ أي أرسلنا إليهم خاصة ويمكن أن يكون إبراهيم عليه السلام قد قال قولا يكون هذا جوابا عنه :﴿ قال فما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ﴾


الصفحة التالية
Icon