قوله : ٥٤ - ﴿ يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم ﴾ قرأ أهل المدينة والشام ﴿ يرتدد ﴾ بدالين بفك الإدغام وهي لغة تميم وقرأ غيرهم بالإدغام وهذا شروع في بيان أحكام المرتدين بعد بيان أن موالاة الكافرين من المسلم كفر وذلك نوع من أنواع الردة والمراد بالقوم الذين وعد الله سبحانه بالإتيان بهم هم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وجيشه من الصحابة والتابعين الذين قاتل بهم أهل الردة ثم كل من جاء بعدهم من المقاتلين للمرتدين في جميع الزمن ثم وصف سبحانه هؤلاء القوم بهذه الأوصاف العظيمة المشتملة على غاية المدح ونهاية الثناء من كونهم يحبون الله وهو يحبهم ومن كونهم ﴿ أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ﴾ والأذلة : جمع ذليل لا ذلول والأعزة : جمع عزيز : أي يظهرون العطف والحنو والتواضع للمؤمنين ويظهرون الشدة والغلظة والترفع على الكافرين ويجمعون بين المجاهدة في سبيل الله وعدم خوف الملامة في الدين بل هم متصلبون لا يبالون بما يفعله أعداء الحق وحزب الشيطان من الإزراء بأهل الدين وقلب محاسنهم مساوئ ومناقبهم مثالب حسدا وبغضا وكراهة للحق وأهله والإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى ما تقدم من الصفات التي اختصهم الله بها والفضل : اللطف والإحسان
قوله : ٥٥ - ﴿ إنما وليكم الله ﴾ لما فرغ سبحانه من بيان من لا تحل موالاته بين من هو الولي الذي تجب موالاته ومحل ﴿ الذين يقيمون الصلاة ﴾ الرفع على أنه صفة للذين آمنوا أو بدل منه أو النصب على المدح وقوله :﴿ وهم راكعون ﴾ جملة حالية من فاعل الفعلين اللذين قبله والمراد بالركوع : الخشوع والخضوع : أي يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم خاشعون خاضعون لا يتكبرون وقيل هو حال من فاعل الزكاة والمراد بالركوع هو المعنى المذكور : أي يضعون الزكاة في مواضعها غير متكبرين على الفقراء ولا مترفعين عليهم وقيل المراد بالركوع على المعنى الثاني : ركوع الصلاة ويدفعه عدم جواز إخراج الزكاة في تلك الحال


الصفحة التالية
Icon