٩٨ - ﴿ يقدم قومه يوم القيامة ﴾ من قدمه بمعنى تقدمه : أي يصير متقدما لهم يوم القيامة سابقا إلى عذاب النار كما كان يتقدمهم في الدنيا ﴿ فأوردهم النار ﴾ أي إنه لا يزال متقدما لهم وهم يتبعونه حتى يوردهم النار وعبر بالماضي تنبيها على تحقق وقوعه ثم ذم الورد الذي أوردهم إليه فقال :﴿ وبئس الورد المورود ﴾ لأن الوارد إلى الماء الذي يقول له الورد إنما يرده ليطفئ حر العطش ويذهب ظمأه والنار على ضد ذلك
ثم ذمهم بعد ذم المكان الذي يردونه فقال : ٩٩ - ﴿ وأتبعوا في هذه لعنة ﴾ أي أتبع قوم فرعون مطلقا أو الملأ خاصة أو هم وفرعون في هذه الدنيا لعنة عظيمة : أي طردا وإبعادا ﴿ ويوم القيامة ﴾ أي وأتبعوا لعنة يوم القيامة يلعنهم أهل المحشر جميعا ثم إنه جعل اللعنة رفدا لهم على طريقة التهكم فقال :﴿ بئس الرفد المرفود ﴾ قال الكسائي وأبو عبيدة : رفدته أرفده رفدا : أمنته وأعطيته واسم العطية الرفد : أي بئس العطاء والإعانة ما أعطوهم إياه وأعانوهم به والمخصوص بالذم محذوف : أي رفدهم وهو اللعنة التي أتبعوها في الدنيا والآخرة كأنها لعنة بعد لعنة تمد الأخرى الأولى وتؤبدها وذكر الماوردي حكاية عن الأصمعي أن الرفد بالفتح : القدح وبالكسر : ما فيه من الشراب فكأنه ذم ما يستقونه في النار وهذا أنسب بالمقام وقيل : إن الرفد الزيادة : أي بئس ما يرفدون به بعد الغرق وهو الزيادة قاله الكلبي
والإشارة بقوله : ١٠٠ - ﴿ ذلك من أنباء القرى نقصه عليك ﴾ أي ما قصه الله سبحانه في هذه السورة من أخبار الأمم السالفة وما فعلوه مع أنبيائهم : أي هو مقصوص عليك خبر بعد خبر وقد تقدم تحقيق معنى القصص والضمير في منها عائد إلى القرى : أي من القرى قائم ومنها حصيد والقائم : ما كان قائما على عروشه والحصيد : ما لا أثر له وقيل : القائم : العامر والحصيد : الخراب وقيل : القائم : القرى الخاوية عن عروشها والحصيد : المستأصل بمعنى محصود شبه القرى بالزرع القائم على ساقه والمقطوع قال الشاعر :
( والناس في قسم المنية بينهم | كالزرع منه قائم وحصيد ) |