٤٠ - ﴿ وإما نرينك ﴾ ما زائدة وأصله : وإن نرك ﴿ بعض الذي نعدهم ﴾ من العذاب كما وعدناهم بذلك بقولنا :﴿ لهم عذاب في الحياة الدنيا ﴾ وبقولنا ﴿ ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة ﴾ والمراد أريناك بعض ما نعدهم قبل موتك أو توفيناك قبل إراءتك لذلك ﴿ فإنما عليك البلاغ ﴾ أي فليس عليك إلا تبليغ أحكام الرسالة ولا يلزمك حصول الإجابة منهم لما بلغته إليهم ﴿ وعلينا الحساب ﴾ أي محاسبتهم بأعمالهم ومجازاتهم عليها وليس ذلك عليك وهذا تسلية من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه و سلم وإخبار له أنه قد فعل ما أمره الله به وليس عليه غيره وأن من لم يجب دعوته ويصدق نبوته فالله سبحانه محاسبه على ما اجترم واجترأ عليه من ذلك
٤١ - ﴿ أولم يروا ﴾ يعني أهل مكة والاستفهام للإنكار : أي أولم ينظروا ﴿ أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ﴾ أي نأتي أرض الكفر كمكة ننقصها من أطرافها بالفتوح على المسلمين منها شيئا فشيئا قال الزجاج : أعلم الله أن بيان ما وعد المشركين من قهرهم قد ظهر يقول : أو لم يروا أنا فتحنا على المسلمين من الأرض ما قد تبين لهم فيكف لا يعتبرون ؟ وقيل إن معنى الآية : موت العلماء والصلحاء قال القشيري : وعلى هذا فالأطراف الأشراف وقد قال ابن الأعرابي : الطرف الرجل الكريم قال القرطبي : وهذا القول بعيد لأن مقصود الآية : أنا أريناهم النقصان في أمرهم ليعلموا أن تأخير العقاب عنهم ليس عن عجز إلا أن يحمل على موت أحبار اليهود والنصارى وقيل المراد من الآية : خراب الأرض المعمورة حتى يكون العمران في ناحية منها وقيل المراد بالآية : هلاك من هلك من الأمم وقيل المراد : نقص ثمرات الأرض وقيل المراد : جور ولاتها حتى تنقص ﴿ والله يحكم لا معقب لحكمه ﴾ أي يحكم ما يشاء في خلقه فيرفع هذا ويضع هذا ويحيي هذا ويميت هذا ويغني هذا ويفقر هذا وقد حكم بعزة الإسلام وعلوه على الأديان وجملة ﴿ لا معقب لحكمه ﴾ في محل نصب على الحال وقيل معترضة : والمعقب : الذي يكر على الشيء فيبطله وحقيقته الذي يقفيه بالرد والإبطال قال الفراء : معناه لا راد لحكمه : قال : والمعقب الذي يتبع الشيء فيستدركه ولا يستدرك أحد عليه والمراد من الآية أنه لا يتعقب أحد حكم الله سبحانه بنقص ولا تغيير ﴿ وهو سريع الحساب ﴾ فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته على السرعة


الصفحة التالية
Icon