٢ - ﴿ الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ﴾ قرأ نافع وابن عامر بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي هو الله المتصف بملك ما في السموات وما في الأرض وقرأ الجمهور بالجر على أنه عطف بيان لكونه من الأعلام الغالبة فلا يصح وصف ما قبله به لأن العلم لا يوصف به وقيل يجوز أن يوصف به من حيث المعنى وقال أبو عمرو : إن قراءة الجر محمولة على التقديم والتأخير والتقدير : إلى صراط الله العزيز الحميد وكان يعقوب إذا وقف على الحميد رفع وإذا وصل خفض قال ابن الأنباري : من خفض وقف على وما في الأرض ثم توعد من لا يعترف بربوبيته فقال :﴿ وويل للكافرين من عذاب شديد ﴾ قد تقدم بيان معنى الويل وأصله النصب كسائر المصادر ثم رفع للدلالة على الثبات قال الزجاج : هي كلمة تقال للعذاب والهلكة فدعا سبحانه وتعالى بذلك على من لم يخرج من الكفار بهداية رسول الله صلى الله عليه و سلم له بما أنزله الله عليه مما هو فيه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان و ﴿ من عذاب شديد ﴾ متعلق بويل على معنى يولولون ويضجون من العذاب الشديد الذي صاروا فيه
ثم وصف هؤلاء الكفار بقوله : ٣ - ﴿ الذين يستحبون الحياة الدنيا ﴾ أي يؤثرونها لمحبتهم لها ﴿ على الآخرة ﴾ الدائمة والنعيم الأبدي وقيل إن الموصول في موضع رفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي هم الذين وقيل الموصول مبتدأ وخبره أولئك وجملة ﴿ ويصدون ﴾ وكذلك ويبغون معطوفتان على يستحبون ومعنى الصد ﴿ عن سبيل الله ﴾ صرف الناس عنه ومنعهم منه وسبيل الله دينه الذي شرعه لعباده ﴿ ويبغونها عوجا ﴾ أي يطلبون لها زيغا وميلا لموافقة أهوائهم وقضاء حاجاتهم وأغراضهم والعوج بكسر العين في المعاني وبفتح العين في الأعيان وقد سبق تحقيقه والأصل يبغون لها فحذف الحرف وأوصل الفعل إلى الضمير واجتماع هذه الخصال نهاية الضلال ولهذا وصف ضلالهم بالبعد عن الحق فقال :﴿ أولئك في ضلال بعيد ﴾ والإشارة إلى الموصوفين بتلك الصفات القبيحة والبعد وإن كان من صفة الضال لكنه يجوز وصف الضلال به مجازا لقصد المبالغة