٢٧ - ﴿ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ﴾ أي بالحجة الواضحة وهي الكلمة الطيبة المتقدم ذكرها وقد ثبت في الصحيح أنها كلمة الشهادة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وذلك إذا قعد المؤمن في قبره قال النبي صلى الله عليه و سلم : فذلك قوله تعالى :﴿ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ﴾ وقيل معنى تثبيت الله لهم هو أن يدوموا على القول الثابت ومنه قول عبد الله بن رواحة :
( يثبت الله ما آتاك من حسن | تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا ) |
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة ﴾ قال : شهادة أن لا إله إلا الله ﴿ كشجرة طيبة ﴾ وهو المؤمن ﴿ أصلها ثابت ﴾ يقول : لا إله إلا الله ثابت في قلب المؤمن ﴿ وفرعها في السماء ﴾ يقول : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء ﴿ ومثل كلمة خبيثة ﴾ وهي الشرك ﴿ كشجرة خبيثة ﴾ يعني الكافر ﴿ اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ﴾ يقول : الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ولا برهان ولا يقبل الله مع الشرك عملا وقد روي نحو هذا عن جماعة من التابعين ومن بعدهم وأخرج الترمذي والنسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس قال :[ أتي رسول الله صلى الله عليه و سلم بقناع من بسر فقال :﴿ مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة ﴾ حتى بلغ ﴿ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ﴾ قال : هي النخلة ﴿ ومثل كلمة خبيثة ﴾ حتى بلغ ﴿ ما لها من قرار ﴾ قال : هي الحنظلة ] وروي موقوفا على أنس قال الترمذي : الموقوف أصح وأخرج أحمد وابن مردويه قال السيوطي بسند جيد عن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله :﴿ كشجرة طيبة ﴾ قال هي التي لا ينقص ورقها قال : هي النخلة وأخرج البخاري وغيره من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما لأصحابه :[ إن شجرة من الشجر لا يطرح ورقها مثل المؤمن قال : فوقع الناس في شجرة البوادي ووقع في قلبي أنها النخلة فاستحييت حتى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هي النخلة ] وفي لفظ للبخاري قال :[ أخبروني عن شجرة كالرجل المسلم لا يتحات ورقها ولا تؤتي أكلها كل حين فذكر نحوه ] وفي لفظ لابن جرير وابن مردويه من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ هل تدرون ما الشجرة الطيبة ؟ ثم قال : هي النخلة ] وروي نحو هذا عن جماعة من الصحابة والتابعين وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ﴾ قال : كل ساعة بالليل والنهار والشتاء والصيف وذلك مثل المؤمن يطيع ربه بالليل والنهار والشتاء والصيف وأخرج ابن أبي حاتم عنه في الآية قال : يكون أخضر ثم يكون أصفر وأخرج عنه أيضا في قوله :﴿ كل حين ﴾ قال : جذاذ النخل وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا ﴿ تؤتي أكلها كل حين ﴾ قال : تطعم في كل ستة أشهر وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عنه أيضا قال : الحين هنا سنة وأخرج البيهقي عنه أيضا قال : الحين قد يكون غدوة وعشية وقد روي عن جماعة من السلف في هذا أقوال كثيرة وأخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن البراء بن عازب : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :[ المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ] فذلك قوله سبحانه :﴿ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴾ وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن البراء بن عازب في قوله :﴿ يثبت الله الذين آمنوا ﴾ الآية قال : التثبيت في الحياة الدنيا إذا جاء الملكان إلى الرجل في القبر فقالا من ربك ؟ فقال ربي الله قال : وما دينك ؟ قال ديني الإسلام قال : ومن نبيك ؟ قال نبيي محمد صلى الله عليه و سلم فذلك التثبيت في الحياة الدنيا وأخرج البيهقي عن ابن عباس نحوه وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن أبي سعيد في الآية قال : في الآخرة القبر وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت :[ قال النبي صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى :﴿ يثبت الله الذين آمنوا ﴾ الآية قال : هذا في القبر ] وأخرج البيهقي من حديثها نحوه وأخرج البزار عنها أيضا قالت [ قلت يا رسول الله تبتلى هذه الأمة في قبورها فكيف بي وأنا امرأة ضعيفة ؟ قال :﴿ يثبت الله الذين آمنوا ﴾ الآية ] وقد وردت أحاديث كثيرة في سؤال الملائكة للميت في قبره وفي جوابه عليهم وفي عذاب القبر وفتنته وليس هذا موضع بسطها وهي معروفة