٥٠ - ﴿ سرابيلهم من قطران ﴾ السرابيل : القمص واحدها سربال ومنه قول كعب بن مالك :
( تلقاكم عصب حول النبي لهم | من نسج داود في الهيجا سرابيل ) |
و ٥١ - ﴿ ليجزي الله ﴾ متعلق بمحذوف : أي يفعل ذلك بهم ليجزي ﴿ كل نفس ما كسبت ﴾ من المعاصي : أي جزاء موافقا لما كسبت من خير أو شر ﴿ إن الله سريع الحساب ﴾ لا يشغله عنه شيء وقد تقدم تفسيره
٥٢ - ﴿ هذا بلاغ ﴾ أي هذا الذي أنزل إليك بلاغ : أي تبليغ وكفاية في الموعظة والتذكير قيل إن الإشارة إلى ما ذكره سبحانه هنا من قوله :﴿ ولا تحسبن الله غافلا ﴾ إلى ﴿ سريع الحساب ﴾ أي هذا فيه كفاية من غير ما انطوت عليه السورة وقيل الإشارة إلى جميع السورة وقيل إلى القرآن ومعنى ﴿ للناس ﴾ للكفار أو لجميع الناس على ما قيل في قوله :﴿ وأنذر الناس ﴾ ﴿ ولينذروا به ﴾ معطوف على محذوف : أي لينصحوا ولينذروا به والمعنى : وليخوفوا به وقرئ ﴿ ولينذروا ﴾ بفتح الياء التحتية والذال المعجمة يقال نذرت بالشيء أنذر : إذا علمت به فاستعددت له ﴿ وليعلموا أنما هو إله واحد ﴾ أي ليعلموا بالأدلة التكوينية المذكورة سابقا وحدانية الله سبحانه وأنه لا شريك له ﴿ وليذكر أولو الألباب ﴾ أي وليتعظ أصحاب العقول وهذه اللامات متعلقة بمحذوف والتقدير : وكذلك أنزلنا أو متعلقة بالبلاغ المذكور : أي كفاية لهم في أن ينصحوا وينذروا ويعلموا بما أقام الله من الحجج والبراهين وحدانيته سبحانه وأنه لا شريك له وليتعظ بذلك أصحاب العقول التي تعقل وتدرك
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ إن الله عزيز ذو انتقام ﴾ قال : عزيز والله في أمره يملي وكيده متين ثم إذا انتقم انتقم بقدرة وأخرج مسلم وغيره من حديث ثوبان قال [ جاء رجل من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : في الظلمة دون الجسر ] وأخرج مسلم أيضا وغيره من حديث عائشة قالت [ أنا أول من سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن هذه الآية ﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض ﴾ قلت : أين الناس يومئذ ؟ قال : على الصراط ] وأخرج البزار وابن المنذر والطبراني في الأوسط وابن مردويه والبيهقي في البعث وابن عساكر عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : في قول الله ﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض ﴾ قال :[ أرض بيضاء كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل بها خطيئة ] وأخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عنه موقوفا نحوه قال البيهقي : الموقوف أصح وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال [ أتى اليهود النبي صلى الله عليه و سلم فقال : جاءوني يسألونني وسأخبرهم قبل أن يسألوني ﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض ﴾ قال : أرض بيضاء كالفضة فسألهم فقالوا : أرض بيضاء كالنقي ] وأخرج ابن مردويه مرفوعا عن علي نحو ما تقدم عن ابن مسعود وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أنس موقوفا نحوه وقد روي نحو ذلك عن جماعة من الصحابة وثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :[ يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة نقي ] وفيهما أيضا من حديث أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده ] الحديث وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ مقرنين في الأصفاد ﴾ قال : الكبول وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة ﴿ في الأصفاد ﴾ قال : القيود والأغلال وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : في السلاسل وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ في الأصفاد ﴾ يقول : في وثاق وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ﴿ سرابيلهم ﴾ قال : قمصهم وأخرج ابن جرير عن ابن زيد مثله وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله :﴿ من قطران ﴾ قال : قطران الإبل وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : هذا القطران يطلى به حتى يشتعل نارا وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : هو النحاس المذاب وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنه قرأ ﴿ من قطران ﴾ فقال القطر : الصفر والآن : الحار وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة نحوه وأخرج مسلم وغيره عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله :﴿ هذا بلاغ للناس ﴾ قال : القرآن ﴿ ولينذروا به ﴾ قال القرآن